دقائق تنكشف على أرباب السلوك ويمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة. (١)
وبعبارة أُخرى : ما يظهر من الآيات بمقتضى إشارات خفية تظهر لأرباب السلوك ويمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة.
وبعبارة ثالثة : القائل بالتفسير الإشاري لا ينكر كون الظاهر مراداً ، ولكن يقول بأنّ في هذه الظواهر ، إشارات إلى معان خفية تفهمه عدّة من أرباب السلوك وأولو العقل والنهى ، وبذاك يمتاز عن تفسير الباطنية فانّهم يرفضون كون الظواهر مرادة ويأخذون بالبواطن ، هذا هو حاصل التفسير الإشاري.
واستدلّ القائلون بالتفسير الإشاري بوجهين :
الأوّل : انّ القرآن يدعو إلى التدبّر والتفكّر فيه ، ومعنى ذلك هو انّ القرآن يحتوي على معانٍ وحقائق لا تدرك بالنظر الأُولى ، بل لا بدّ من التأمّل والتعمّق حتى يقف الإنسان على إشاراته ورموزه ، يقول سبحانه :
( فَمَالِ هـٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ). (٢)
وقوله تعالى : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ). (٣)
وقوله تعالى : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ). (٤)
فهذه الآيات تصف الكافرين بأنّهم لا يكادون يفقهون حديثاً لا يريد بذلك أنّهم لا يفهمون نفس الكلام ، لأنّ القوم كانوا عرباً والقرآن لم يخرج عن لغتهم فهم يفهمون ظاهره بلا شك ، وإنّما أراد بذلك أنّهم لا يفهمون مراده من الخطاب ، فحضّهم على أن يتدبّروا في آياته حتى يقفوا على مقصود الله ومراده ،
______________________
١. شرح العقائد النسفية لسعد الدين التفتازاني : ١٤٢.
٢. النساء : ٧٨. |
٣. النساء : ٨٢. |
٤. محمد : ٢٤. |