وذلك هو الباطن الذي جهلوه ولم يصلوا إليه بعقولهم. (١)
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ الاستدلال بهذه الآيات من الضعف بمكان ، فانّها تدعو إلى التدبّر في نفس المفاهيم المستفاد من ظاهر الآيات وكون القرآن عربياً ، وكون القوم عُرباً لا يكفي في فهم القرآن الكريم من دون التدبّر والإمعان ، فهل يكفي كون القوم عرباً في فهم مغزى قوله سبحانه :
( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٢) ؟
أو في فهم قوله سبحانه : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٣) ؟
أو في فهم قوله سبحانه : ( وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـٰهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٤) ؟
فالدعوة إلى التدبّر لا يدلّ على أنّ للقرآن وراء ما تفيده ظواهره بطناً.
وثانياً : انّه يمكن أن يكون الأمر بالتدبّر هو تطبيق العمل على ما يفهمونه من القرآن ، فربّ ناصح يدلي بكلام فيه نصيحة الأهل والولد ، ولكنّهم إذا لم يطبقوا عملهم على قول ناصحهم ، يعود الناصح إليهم ، ويقول : لماذا لا تتدبّرون في كلامي ؟ لماذا لا تعقلون ؟ مشعراً بذلك أنّكم ما وصلتم إلى ما أدعوكم إليه وإلّا لتركتم أعمالكم القبيحة وصرتم عاملين بما أدعو إليه.
الثاني : ما دلّ من الروايات على أنّ للقرآن ظهراً وبطناً ، ظاهره حكم ، وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق. (٥)
______________________
١. التفسير والمفسرون ، نقلاً عن الموافقات : ٣ / ٣٨٢ ـ ٣٨٣.
٢. الحديد : ٣. |
٣. الأنبياء : ٢٢. |
٤. المؤمنون : ٩١. |
٥. الكافي : ٢ / ٥٩٨ الحديث ٢. |