يلاحظ عليه : أنّ ما روي عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ للقرآن بطناً وظهراً فالحديث فيه ذو شجون ، وسيوافيك الكلام فيه في خاتمة الكتاب وأنّه يحتمل وجوهاً على نحو مانعة الخلو :
١. المقصود من البطن هو أنّ ما ورد في القرآن حول الأقوام والأُمم من القصص ، وما أصابهم من النعم والنقم ، لا ينحصر على أُولئك الأقوام ، بل هؤلاء مظاهر لكلامه سبحانه وهو يعم غيرهم ممّن يأتون في الأجيال فقوله سبحانه : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) (١) وإن كان وارداً في قوم خاص ، لكنّها قاعدة كلية مضروبة على الأُمم جمعاء.
٢. المراد من بطـن القرآن هو الاهتـداء إلى المصاديـق الخفيـة التي يحتاج الوصول إليها إلى التدبّر ، أو تنصيص من الإمام ، ولأجل ذلك نرى أنّ علياً عليهالسلام يقول في تفسير قوله سبحانه : ( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ) (٢) : « إنّه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم ».
وفي رواية أُخرى قال علي عليهالسلام : « عذرني الله من طلحة والزبير بايعاني طائعين ، غير مكرهين ، ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته » ثم تلا هذه الآية (٣). وسيوافيك الكلام فيه عند البحث في التأويل مقابل التنزيل.
٣. وهناك احتمال ثالث للبطن ، وهو حمل الآية على مراتب مفهومها وسعة
______________________
١. النحل : ١١٢ ـ ١١٣. |
٢. التوبة : ١٢. |
٣. البرهان في تفسير القرآن : ١ / ١٠٥.