هذا بعض كلامه عليهالسلام حول ما يمت إلى أُصول الفقه ، وأمّا كلامه فيما له صلة بالعقائد والمباحث الكلامية فحدث عنه ولا حرج ، فهذه خُطَبه عليهالسلام فيها وقد أخذ عنه علماء الكلام ما أخذوا. (١)
وأمّا من لا خبرة له بهذين العلمين من الأقدمين فقد اقتصروا بالتفسير بالمأثور وتركوا البحث فيما لم يرد فيه نص ، ولذا عاد تفسيرهم تفسيراً نقلياً محضاً ، وسيوافيك البحث في هذا النوع من التفسير.
إلى هنا تمّ ما أردنا نقله من كلام الراغب ، وبما انّ لجلال الدين السيوطي كلاماً في شروط التفسير نذكره لما فيه من اللطافة وإن كان ذيله لا يخلو من الشذوذ ، قال :
قال العلماء : من أراد تفسير الكتاب العزيز ، طلبه أوّلاً من القرآن ، فما أُجملَ منه في مكان ، فقد فُسّر في موضع آخر ؛ وما اختصر في مكان ، فقد بُسط في موضع آخر منه.
وقد ألّف ابن الجوزي كتاباً فيما أجمل في القرآن في موضع وفسّر في موضع آخر منه ، وأشرت إلى أمثلة منه في نوع المجمل.
فإن أعياه ذلك طلبه من السنّة ، فإنّها شارحة للقرآن وموضحة له ، وقد قال الشافعي : كلّ ما حكم به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو ممّا فهمه من القرآن ، قال تعالى : ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ) (٢) في آيات أُخر وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ألا إنّي أُوتيت القرآن ومثله معه » ، يعني السنّة.
فإن لم يجده في السنّة رجع إلى أقوال الصحابة ، فإنّهم أدرى بذلك ، لما
______________________
١. لاحظ كتاب بحوث في الملل والنحل : ٣ / ١٨٧ ـ ١٩٢.
٢. النساء : ١٠٥.