قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) (١).
فالآية ترشد إلى الوظائف الثلاث : ( القراءة ، والجمع ، والبيان ) التي على عاتق النبي بأمر من الله سبحانه.
أمّا التلاوة يقول سبحانه : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ). (٢)
وأمّا الجمع فالحقّ انّه قد جمع القرآن في حياته ولم يترك القرآن متشتتاً هنا وهناك.
وأمّا البيان فقد كان يبيّن آيات الذكر الحكيم بالتدريج ؛ قال أبو عبد الرحمن السلمي : حدّثنا الذين كانوا يقرأون القرآن كعثمان بن عفان ، وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنّهما كانوا إذا تعلّموا من النبي عشر آيات ، لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً ، ولهذا كانوا يبقون مدّة في حفظ السورة. (٣)
لكنَّ جميع ما ورد عن النبي من التفسير ـ غير ما ورد من أسباب النزول ـ لا يتجاوز المائتين وعشرين حديثاً تقريباً ، وقد أتعب جلال الدين السيوطي نفسه فجمعها من مطاوي الكتب في آخر كتابه « الإتقان » فرتّبها على ترتيب السور من الفاتحة إلى الناس. (٤)
ومن المعلوم أنّ هذا المقدار لا يفي بتفسير القرآن الكريم ولا يمكن لنا التقوّل بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم تقاعس عن مهمته ، وليس الحل إلّا أن نقول بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أودع علم الكتاب في أحد الثقلين الذين طهرهم الله من الرجس تطهيراً ، فقاموا بتفسير
______________________
١. القيامة : ١٦ ـ ١٩. |
٢. الجمعة : ٢. |
٣. الإتقان : ٤ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، ط مصر. |
٤. الإتقان : ٤ / ١٧٠ ، ط مصر. |