إنّه من المعلوم انّ الإحاطة بمعاني الألفاظ والجمل لا يكفي في تفسير قوله سبحانه : ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ) (١) ، حيث إنّه يثبت الرمي للرسول وفي الوقت نفسه ينفي عنه وهما متضادان.
كما أنّه لا يكفي الإحاطة بالأدب العربي ومعاني المفردات فهم قوله سبحانه : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (٢) ، حيث اتّحد الشاهد والمشهود ومع ذلك كيف يشهد على وحدانيته ؟!
ففي هذه الآيات لا محيص للمفسِّر من أن يرجع إلى أحد الثقلين ، أي بما أُثر عن أئمة أهل البيت ، أو إلى العقل الصريح ، وإلّا تبقى الآية على إجمالها ، ويكون تفسيرها المرور عليها ، وبالتالي تصبح الآية ـ نعوذ بالله ـ لقلقة في اللسان.
النبيّ هو المفسّر الأوّل
إنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حسب القرآن الكريم هو المفسِّر الأوّل ، وانّه لا تقتصر وظيفته في القراءة والتلاوة ، بل يتعيّـن عليه بعد القراءة تبيان ما أجمل وتفسير ما أُبهم يقول سبحانه : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) (٣).
ترى أنّه سبحانه يجعل غاية النزول بيان الرسول حقائق القرآن للناس مضافاً إلى أنّه سبحانه يشير في بعض الآيات إلى أنّ عليه وراء البيان ، القراءة والجمع ، يقول : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا
______________________
١. الأنفال : ١٧. |
٢. آل عمران : ١٨. |
٣. النحل : ٤٤.