ولأجل إيضاح هذا النوع من التفسير بالعقل الذي يفارق التفسير على سائر المعايير العقلية كما أشرنا إليها ، نذكر نماذج في مجالي العقل النظري والعقل العملي ، ولنقدّم الكلام في الأوّل على الثاني.
١. واحد لا ثاني له
يقول سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (١) فالآية تنفي أن يكون له سبحانه أيُّ مثل وندّ ، وفي سورة أُخرى يقول : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) (٢) وهذه عقيدة صريحة إسلامية ، يمكن أن يفسر في ضوء الحكم العقلي كالتالي.
أ. صرف الوجود لا يتعدّد
إذا كان الموجود منزهاً عن كلّ حد وقيد بحيث ليس له واقعية سوى الوجود المطلق فهو لا يتكرر ولا يتعدد ، بمعنى انّه لا تتعقل له الاثنينية والكثرة ، لأنّ ما فرضته ثانياً بحكم انّه أيضاً منزّه عن كلّ قيد وحدّ وخليط يكون مثل الأوّل فلا يتميز ولا يتشخص ، وقد قام الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام بتفسير الآية على ضوء هذا الحكم العقلي.
روى الصدوق أنّ اعرابياً قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين أتقول : إنّ الله واحد ؟ قال : فحمل الناس عليه ، وقالوا : يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب ، فقال أمير المؤمنين : « دعوه ، فانّ الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم » ... ثمّ قال شارحاً ما سأله عنه الأعرابي : « وقول
______________________
١. الشورى : ١١.
٢. الاخلاص : ٤.