القائل واحد ، يقصد به باب الأعداد ، فهذا ما لا يجوز ، لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد ، أما ترى أنّه كفر من قال : ثالث ثلاثة ».
ثمّ قال : « معنى هو واحد : انّه ليس له في الأشياء شِبْه ، كذلك ربّنا ، وقول القائل إنّه عزّ وجلّ أحديُّ المعنى يعني به أنّه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم ، كذلك ربّنا عزّ وجلّ ». (١)
فالإمام عليهالسلام لم يكتف ببيان المقصود من وصفه سبحانه بأنّه واحد ، بل أشار إلى معنى آخر من معاني توحيده وهو كونه أحديّ الذات ، الذي يهدف إلى كونه بسيطاً لا جزء له في الخارج والذهن. والتوحيد بهذا المعنى هو القسم الثاني من التوحيد الذاتي المبحوث عنه في محلّه.
ب. التعدّد يستلزم التركيب
لو كان هناك واجب وجود آخر لشارك الواجبان في كونهما واجبي الوجود ، ولا بدّ من تميز أحدهما عن الآخر بشيء وراء ذلك الأمر المشترك ، كما هو الحال في كلّ مثلين ، وذلك يستلزم تركب كلّ منهما من شيئين : أحدهما يرجع إلى ما به الاشتراك ، والآخر إلى ما به الامتياز ، والمركب بما أنّه محتاج إلى أجزائه لا يكون موصوفاً بوجوب الوجود ، بل يكون ـ لأجل الحاجة ـ ممكناً وهو خلاف الغرض.
وباختصار لو كان في الوجود واجبان للزم إمكانهما ، وذلك انّهما يشتركان في وجوب الوجود فإن لم يتميّزا لم تحصل الاثنينية ، وإن تميّزا لزم تركب كلّ واحد منهما ممّا به المشاركة وما به الممايزة ، وكلّ مركب ممكن فيكونان ممكنين ، وهذا خلاف الفرض.
______________________
١. توحيد الصدوق : ٨٣ ـ ٨٤.