ويدفعه (١) إلى الملائكة ، وفيه مكتوب كل ما يكون في تلك السنة ؛ ليحفظوه على ما يكون. أو كلام نحو هذا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ).
__________________
ـ الليلة وعلامتها أنها ليلة طلقة لا حارة ولا باردة ، وأن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء ، ليس لها كثير شعاع ، فإن قيل : فأي فائدة لمعرفة صفتها بعد فواتها ، فإنها تنقضي بمطلع الفجر.
فالجواب : من وجهين :
أحدهما : أنه يستحب أن يكون اجتهاده في يومها الذي بعدها كاجتهاده فيها.
والثاني : أنها لا تنتقل ، فإذا عرفت ليلتها في سنة انتفع به في الاجتهاد فيها في السنة الآتية ، ويسن الإكثار من الصلاة ، والدعاء فيها ، والاجتهاد في ذلك ، وغيره من العبادات ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». ويستحب الدعاء فيها بما ورد في حديث عائشة وهو قولها يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما ذا أقول : قال : تقولين «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
وأجمع العلماء على أن ليلة القدر باقية دائمة إلى يوم القيامة ، وعلى هذا اختلفوا في محلها : فقيل هي متنقلة تكون في سنة في ليلة ، وفي سنة في ليلة أخرى ، وبهذا يجمع بين الأحاديث ويقال كل حديث جاء بأحد أوقاتها ، فلا تعارض فيها ، ونحو هذا قول مالك ، والثوري ، وأحمد وإسحاق ، وأبي ثور ، وغيرهم ، وانتقالها قالوا : تنتقل في العشر الأواخر من رمضان.
وقيل في رمضان كله.
وقيل : في السنة كلها.
وقيل : بل في رمضان خاصة.
وقيل : في العشر الأوسط منه.
وقيل : تختص بأوتار العشر الأواخر.
وقيل : في ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين ، وهو قول ابن عباس.
وقيل : ليلة سبعة عشر أو واحد وعشرين.
وقيل : ليلة أربعة وعشرين.
قال صلىاللهعليهوسلم : «أريت هذه الليلة ثم أنسيتها» : وليس معناه أنه رأى الملائكة والأنوار عيانا ، ثم أنسي ذلك ؛ لأن مثل هذا قلما ينسى ، وإنما معناه أنه قيل له : ليلة القدر كذا وكذا ، ثم أنسي كيف قيل له والأحاديث الواردة في ذكر ليلة القدر وفي فضلها كثيرة نذكرها تتميما للفائدة.
وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» ، وعن ابن عمر أن رجالا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر» رواه البخاري ومسلم. وعن عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ، ويقول : «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» : رواه البخاري ومسلم. ولفظه للبخاري «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» ، وعن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى» رواه البخاري. وفي ب : ليلة القدر.
(١) في ب : يدفع.