وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ).
أي : يوقظكم ، ويرد إليكم أرواح الحواس.
(لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى).
أي : مسمى العمر إلى الموت.
(ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
خرج هذا على الوعيد لما ذكرنا ؛ ليكونوا على حذر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) ، وقوله : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ).
يعلم كل ما يغيب عن الخلق ولا يخفى عليه شيء ؛ لأنه عالم بذاته لا (١) يحجبه شيء ، ليس كعلم من يعلم بغيره (٢) ، فيحول بينه وبين العلم بالأشياء الحجب والأستار ، فأما الله ـ سبحانه وتعالى ـ فعالم (٣) بذاته لا يعزب عنه شيء ، ولا يكون له حجاب عن شيء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) : فيه جميع ما يحتاج أهل التوحيد في التوحيد ؛ لأنه أخبر أنه قاهر لخلقه وهم مقهورون ، ومن البعيد أن يشبه القاهر المقهور بشيء ، أو يشبه المقهور القاهر (٤) بوجه ، أو يكون المقهور شريك القاهر في معنى ؛ لأنه لو كان شيء من ذلك لم يكن قاهرا من جميع الوجوه ، ولا كان الخلق مقهورا في الوجوه كلها ، فإذا كان الله قاهرا بذاته الخلق كله كانت (٥) آثار قهره فيهم ظاهرة ، وأعلام سلطانه فيهم (٦) بادية ؛ دل على تعاليه عن الأشباه (٧) والأضداد ، وأنه كما وصف (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١].
وقوله : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ).
يكون على وجهين :
أحدهما : وهو القاهر وهو فوق عباده.
الثاني : على التقديم والتأخير ؛ وهو فوق عباده القاهر.
__________________
(١) في ب : ولا.
(٢) في ب : بغير.
(٣) في ب : عالم.
(٤) في أ : والقاهر.
(٥) في ب : كان.
(٦) في ب : لهم.
(٧) في أ : الأشياء.