ويحتمل قوله : (فَوْقَ عِبادِهِ) : بالنصر لهم والمعونة والدفع عنهم ؛ كقوله : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) ، أي : بالنصر والمعونة ، والعظمة والرفعة والجلال ، ونفاذ السلطان والربوبية.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً).
أخبر أنه القاهر فوق عباده ، وأنه أرسل عليهم الحفظة ؛ ليعلموا أن إرسال الحفظة عليهم لا لحاجة له [في ذلك لما أخبر [أنه] قاهر فوق عباده ولو كان ذلك لحاجة له](١) لم يكن قاهرا ؛ لأن كل من وقعت له حاجة صار مقهورا تحت قهر آخر ، فالله ـ تعالى ـ يتعالى عن أن تمسه حاجة ، أو يصيبه شيء مما يصيب الخلق ، بل إنما أرسلهم عليهم لحاجة الخلق : إما امتحانا منه للحفظة على محافظة أعمال العباد والكتابة عليهم ، من غير أن تقع (٢) له في ذلك حاجة ، يمتحنهم على ذلك ، ولله أن يمتحن عباده بما (٣) شاء من أنواع المحن ، وإن أكرمهم ووصفهم بالطاعة في الأحوال كلها بقوله : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [التحريم : ٦] ، وغير ذلك من الآيات.
والثاني : يرسلهم (٤) عليهم بمحافظة (٥) أعمالهم والكتابة عليهم ؛ ليكونوا على حذر في ذلك [العمل](٦) ، [وذلك في الزجر أبلغ وأكثر ؛ لأن من علم أن عليه رقيبا في عمله وفعله كان أحذر في ذلك العمل](٧). وانظر فيه ، وأحفظ له ممن لم يكن عليه ذلك ، وإن كان يعلم كل مسلم أن الله عالم الغيب لا يخفى عليه شيء ، عالم بما كان منهم وبما يكون أنه كيف يكون؟ ومتى يكون؟
ثم اختلف في الحفظة هاهنا :
قال بعضهم (٨) : هم الذين قال الله [فيهم](٩) : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ. وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : يقع.
(٣) في ب : مما.
(٤) في ب : يرسله.
(٥) في ب : على محافظة.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في ب.
(٨) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢١٤) (١٣٣٢٦) عن السدي وفي (١٣٣٢٧) عن قتادة وذكره السيوطي في الدر المنثور (٣ / ٣٠) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن قتادة ، وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن السدي.
(٩) سقط في ب.