وهو قول الحسن (١) قال : قد ظهر في أهل الإسلام الأهواء المختلفة والقتل والفتن ، وأما اللذان في أهل الشرك من أهل الكتاب : فهما (٢) الخسف في الأرض ، والحجارة من السماء.
ثم اختلف في قوله : (عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ).
عن ابن عباس (٣) ـ رضي الله عنه ـ قال : (عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) ، أي : من أمرائكم ، (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ).
أي : من سفلتكم ؛ لأن الفتن ونحوها إنما تهيج من الأمراء الجائرين (٤) ومن أتباعهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً).
قال (٥) : الأهواء المختلفة.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ).
أي : يسلط بعضهم على بعض بالقتل والعذاب.
ومن قال بأن الآية نزلت في أهل الشرك يقول : كان في أشياعهم ذلك كله ، أما العذاب من الفوق فهو (٦) الحصب بالحجارة ؛ كما فعل بقوم لوط (٧) ، ومن تحت أرجلهم وهو الخسف ؛ كما فعل بقارون (٨) ومن معه.
وقوله : (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً).
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢٢٣) (١٣٣٨٢). وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦٣) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٢) في ب : هو.
(٣) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢١٨) (١٣٣٥٢ ، ١٣٣٥٣) وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٢) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٤) في ب : الجائرة.
(٥) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢١٨ ـ ٢١٩) (١٣٣٥٨ ، ١٣٣٥٩) عن ابن عباس. وبمثله عن مجاهد (١٣٣٥٤) ، والسدي (١٣٣٥٥) وابن زيد (١٣٣٥٧) وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٢) وزاد نسبته لابن المنذر عن مجاهد.
(٦) في ب : هو.
(٧) كما في قول الله تعالى : (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ* قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ* فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) [هود : ٨٠ ـ ٨٣].
(٨) عند قوله تعالى : (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ)[القصص : ٨١].