قيل (١) : آزر : هو اسم أبي إبراهيم ، عليهالسلام. والحسن يقرأ : (آزَرَ) ، بالرفع ويجعله اسم أبيه.
وقال آخرون (٢) : هو اسم صنم ، فهو على التقديم والتأخير ؛ كأنه قال : وإذ قال إبراهيم لأبيه أتتخذ آزر أصناما آلهة.
وقوله : (أَتَتَّخِذُ).
استعظاما لما يعبد من الأصنام دون الله ؛ لأن مثل هذا إنما يقال على العظيم من الفعل.
وقال أبو بكر الكيساني (٣) : قوله : (آزَرَ) قيل : هو اسم عيب عندهم ؛ كأنه قال : يا ضال أتتخذ أصناما آلهة ؛ كقول الرجل لآخر : يا ضال.
وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة كان اسم أبيه أو اسم صنم (٤).
وفي الآية دلالة أن أباه كان من رؤساء قومه بقوله : (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
وفيه دلالة أن لا بأس للرجل أن يشتم أباه لمكان ربه ؛ لأن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ سماه ضالا. وفيه (٥) دلالة أن الإيمان والتوحيد يلزم أهل الفترة في حال الفترة ؛ لأن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ سماهم ضلالا وهو لم يكن في ذلك [الوقت](٦) رسولا ، إنما بعث رسولا من بعد ، والله أعلم.
وقوله ـ تعالى ـ : (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي : ضلالا لا شك فيه ولا
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢٣٩) (١٣٤٣٨) عن السدي (١٣٤٣٩) عن محمد بن إسحاق ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٤٤) ، وعزاه لأبي الشيخ عن الضحاك.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢٣٩) (١٣٤٤٢ ، ١٣٤٤٣) عن مجاهد (١٣٤٤٤) عن السدي ، وذكره السيوطي (٣ / ٤٣) في الدر وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ولابن أبي حاتم عن السدي ولابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس ولابن المنذر عن ابن جريج.
(٣) ذكره ابن جرير (٥ / ٢٣٩) وذكره البغوي في تفسيره (٢ / ١٠٨) ونسبه لسليمان التيمي بنحوه وكذا ابن عادل في اللباب (٨ / ٢٣٢).
(٤) قال ابن الخطيب الرازي بعد أن حكى كلام المفسرين حول «آزر» : وهذه التكاليف إنما يجب المصير إليها إذا دل دليل قاهر على أن والد إبراهيم ما كان اسمه آزر ، وهذا الدليل لم يوجد البتة ، فأي حاجة تحملنا على هذه التأويلات؟ ومما يدل على صحة ما قلنا أن اليهود والنصارى والمشركين كانوا في غاية الحرص على تكذيب الرسول وإظهار النسب. ينظر اللباب (٨ / ٢٣٢) ، تفسير الفخر الرازي (١٣ / ٣٢).
(٥) في ب : وفي الآية.
(٦) سقط في أ.