قال : أري مكانه في الجنة.
وقيل : أجره الثناء الحسن.
وقال أبو عوسجة : (مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الملك ؛ وكذلك قال أبو عبيدة (١) ، وهو كجبروت ورحموت ورهبوت ؛ فكذلك ملكوت.
وأصله : ما ذكر من الآيات والعجائب ، [والله أعلم](٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ).
الإيقان بالشيء هو العلم بالشيء حقيقة بعد الاستدلال والنظر فيه والتدبر ؛ ولذلك لا يوصف الله باليقين ، ولا يجوز لله ـ تعالى ـ أن يقال : موقن ؛ لما ذكرنا [أنه] هو العلم الذي يعقب الاستدلال ، وذلك منفي عنه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ).
قيل في قوله : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) أي : كما أريناك ملكوت ما ذكر ، فقوله : (نُرِي) بمعنى أرينا (٣).
وقوله : (وَكَذلِكَ) له وجهان :
أحدهما : أنه كما أريناك ما أيقنت به أن الربوبية لله ، وأنه الواحد لا شريك له من الآيات والأدلة ، أريناه ـ أيضا ـ ما ذكر حتى أيقن ، فهو ـ والله أعلم ـ على التسوية بين الأسباب الدالة على الوحدانية لله والربوبية في المعنى ، وإن كانت لأعيانها مختلفة ، وعلى أن طريق المعرفة الاستدلال بما أنشأ الله من الدلالة لا السمع والحس ، وإن كان في حجة السمع تأكيد.
والثاني : أن يكون (وَكَذلِكَ نُرِي) على ما أظهر من الحجج على قومه ؛ وهو كقوله : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) [الأنعام : ٨٣] ، وأعطاه ما أراه وأشعر قلبه من
__________________
(١) معمر بن المثني التيمي بالولاء البصري ، أبو عبيدة النحوي : من أئمة العلم بالأدب واللغة. استقدمه هارون الرشيد إلى بغداد سنة ١٨٨ ه ، وقرأ عليه أشياء من كتبه. قال الجاحظ : لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلوم منه. وكان إباضيّا ، شعوبيّا ، من حفاظ الحديث قال ابن قتيبة : كان يبغض العرب وصنف في مثالبهم كتبا. له نحو ٢٠٠ مؤلف ، منها نقائض جرير والفرزدق ومجاز القرآن والعققة والبررة والمثالب وفتوح أرمينية وتسمية أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم وأولاده.
ينظر الأعلام (٧ / ٢٧٢) ، مجاز القرآن (١ / ١٩٨) مجمع الأمثال (١ / ١٩٤) ، اللسان والتاج (رهب).
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : أريناه.