وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
هذا بناء على الحكم فيهم لو أشركوا إلا أنهم [لا](١) يشركون ؛ لأن الله قد عصمهم واختارهم لرسالته واختصهم لنبوته ، فلا يحتمل أن يشركوا ، لكن ذكر هذا ؛ ليعلموا أن حكمه واحد فيمن أشرك في الله غيره وضيعا كان أو شريفا.
وقوله : (لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) : من الحسنات والخيرات التي كانت قبل الإشراك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) : قيل (٢) : الكتب التي أعطى الرسل. (وَالْحُكْمَ) قيل (٣) : العلم والفقه والفهم.
وقيل : الأحكام التي أعطاهم ، والنبوة هي أنباء الغيب ؛ وقد ذكرنا [هذا](٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ).
قيل : (بِها) كناية عن أنباء الغيب ، والنبوة التي ذكر.
وقيل : (بِها) كناية عن الكتب التي أنزلها على الرسل
وقيل : هي كناية عن الآيات والحجج التي أعطى رسوله.
وقوله : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ).
اختلف فيه قال بعضهم (٥) : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها) ـ يعني : أهل مكة ـ (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) : أهل المدينة (٦) من الأنصار (٧) والمهاجرين (٨) ؛ وهو قول ابن عباس.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ذكره الرازي في تفسيره (١٣ / ٥٦) وابن عادل في اللباب (٨ / ٢٦٩).
(٣) ينظر السابق.
(٤) سقط في أ.
(٥) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢٦٠) (١٣٥٢٩ ، ١٣٥٣٠) وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٢) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٦) المدينة : علم على مدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو علم بالغلبة لا بالوضع ، ولا يجوز نزع الألف واللام منها إلا في نداء أو إضافة ، وجمعها مدن ومدن ومدائن ، بهمز ودونه. وسئل أبو على الفسوي عن همزه ، فقال : من جعلها فعيلة من قولهم : مدن بالمكان ، إذا أقام ، همزه ، ومن جعلها «مفعلة» من دين إذا ملك لم يهمزه ، كما لم يهمز معايش ، ولها أسماء منها : طيبة ، وطابة ، ويثرب. ينظر المطلع ص ١٨٣ ـ ١٨٤.
(٧) الأنصار جمع نصير ، كشريف وأشراف ، وهم الحيان الأوس والخزرج ، وهما ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن عبد الله بن الأزد بن الغوث ـ