حق عظمته؟!
ولكن تأويله ـ والله أعلم ـ أي : ما عرفوا الله حق المعرفة التي تعرف بالاستدلال ، ولا عظموه حق عظمته التي تعظم (١) بالاستدلال ، هذا تأويلهم ، وإلا لا أحد [يقدر أن](٢) يعرف الله حق معرفته ، ولا يعظمه حق عظمته حقيقة.
وهو يخرج على وجهين :
أحدهما : ما قدروا الله حق قدره ، ولا اتقوه (٣) حق تقواه مما كلفوا به وأطاقوه ومما (٤) جرى الأمر بذلك ، وإنما تجري الكلفة منه على قدر الطاقة والوسع ، وإلا لا يقدر أحد أن يعظم ربه حق عظمته ولا يتقيه (٥) حق تقواه ، لكن ما ذكرنا مما جرت [به](٦) الكلفة.
والثاني : ما قدروا الله حق قدره ولا حق تقاته على القدر الذي يعملون لأنفسهم ، أي : لو اجتهدوا في تقواه وعظمته القدر الذي لو كان ذلك العمل لهم فيجتهدون ، ويبلغ جهدهم في [ذلك](٧) ذلك فقد اتقوا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ).
لو كان هؤلاء في الحقيقة أهل الكتاب ما أنكروا الرسل ولا الكتب ؛ لأن أهل الكتاب يؤمنون ببعض الرسل وببعض الكتب ، وإن كانوا يكفرون ببعض ، لكن هؤلاء أنكروا الرسل لما كانوا أهل نفاق ، ويكون من اليهود أهل نفاق ، كما يكون من أهل الإسلام ، كانوا يظهرون الموافقة لهم ، ويضمرون الخلاف لهم والموالاة لأهل الشرك ، ويظاهرون عليهم ؛ كما كان يفعل ذلك منافقو أهل الإسلام ؛ كانوا يظهرون الموافقة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ويضمرون الخلاف له ، ويظاهرون المشركين عليه ، فأطلع الله رسوله على نفاقهم ؛ ليعلم قومهم خلافهم ، وأن ما كان من تحريف (٨) الأحكام وتغيرها (٩) وكتمان نعت محمد صلىاللهعليهوسلم وصفته إنما كان من هؤلاء.
__________________
(١) في ب : يعظم.
(٢) سقط في : ب.
(٣) في ب : ولا اتقوا.
(٤) في أ : وما.
(٥) في ب : ولا اتقى.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في أ.
(٨) في أ : تخويف.
(٩) في أ : وتغييرها.