الجواب لمعرفة أهل الخطاب [به](١) ، وقد يترك (٢) الجواب لمعرفة أهله به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ أَظْلَمُ) : أكثرهم قد ظلموا أو كلهم قد ظلموا ؛ لكن كأنه قال : لا أحد أفحش ظلما ممن افترى على الله ؛ لأنه يتقلب في نعم الله في ليلة ونهاره وأحيانه ، فهو أفحش ظلما وأوحش كذبا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ).
في الآية دلالة أن نافي (٣) الرسالة عمن له الرسالة في الافتراء على الله والكذب ؛ كمدعي الرسالة لنفسه وليست له الرسالة ، سواء ، كلاهما مفتر على الله كذبا ؛ وكذلك من ادعى أنه ينزل مثل ما أنزل الله ، أو من ادعى أنه لم ينزل الله شيئا ، فهو في الافتراء على الله كالذي ادعى أنه ينزل مثل ما أنزل الله النافي (٤) والمدعي في ذلك سواء شرعا ؛ فعلى ذلك يكون نافي الشيء ومثبته (٥) في إقامة الحجة والدليل سواء (٦) ، والله أعلم.
وذكر أهل التأويل أن قوله : (أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) نزل في مسيلمة الكذاب (٧) ،
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : يعول.
(٣) في أ : أرنا في.
(٤) في ب : نافي.
(٥) في أ : ومنبته.
(٦) في ب : هو.
(٧) مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي ، أبو ثمامة : متنبئ ، من المعمرين. وفي الأمثال «أكذب من مسيلمة». ولد ونشأ باليمامة ، في القرية المسماة اليوم بالجبيلة بقرب «العيينة» بوادي حنيفة ، في نجد. وتلقب في الجاهلية بالرحمن. وعرف برحمان اليمامة ولما ظهر الإسلام في غربي الجزيرة ، وافتتح النبي صلىاللهعليهوسلم مكة ودانت له العرب ، جاءه وفد من بني حنيفة ، قيل : كان مسيلمة معهم إلا أنه تخلف مع الرحال ، خارج مكة ، وهو شيخ هرم ، فأسلم الوفد ، وذكروا للنبي صلىاللهعليهوسلم مكان مسيلمة فأمر له بمثل ما أمر به لهم ، وقال : ليس بشركم مكانا. ولما رجعوا إلى ديارهم كتب مسيلمة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم : «من مسيلمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إلى محمد رسول الله : سلام عليك ، أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك ، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشا قوم يعتدون» فأجابه : «بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب ، السلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين». وذلك في أواخر سنة ١٠ ه ، كما في سيرة ابن هشام (٣ / ٧٤) وأكثر مسيلمة من وضع أسجاع يضاهي بها القرآن. وتوفي النبي صلىاللهعليهوسلم قبل القضاء على فتنته ، فلما انتظم الأمر لأبي بكر ، انتدب له أعظم قواده «خالد بن الوليد» على رأس جيش قوي ، هاجم ديار بني حنيفة. وصمد هؤلاء ، فكانت عدة من استشهد من المسلمين على قلتهم في ذلك الحين ألفا ومائتي رجل ، منهم أربعمائة وخمسون صحابيا ، «كما في الشذرات» وانتهت المعركة بظفر خالد ومقتل مسيلمة «سنة ١٢» ولا تزال إلى اليوم آثار قبور الشهداء من الصحابة ظاهرة في قرية «الجبيلة» حيث كانت الواقعة ، وقد أكل السيل من أطرافها حتى إن ـ