[ملائكة الرحمة و](١) ملائكة العذاب ، (باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) : يقول : ضاربون بأيديهم أنفسهم يقولون لها : اخرجي ، يعني الأرواح ، وهو قوله : (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) وهو عند الموت ؛ وكذلك يقول قتادة (٢).
وقال الحسن (٣) : ذلك في النار في الآخرة ضرب الوجوه والأدبار.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) ، أي : كثرة العذاب وشدته ؛ يقال للشيء الكثير : الغمر (٤) ؛ وهو كقوله : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) [إبراهيم : ١٧] أي : أسباب الموت ، ولو كان هناك (٥) موت يموت لشدة العذاب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) : بضرب الوجوه والأدبار ، (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) : على حقيقة الخروج منها ؛ كقوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) [المائدة : ٣٧] ، والأول ليس على حقيقة الخروج ، ولكن كما يقال عند نزول الشدائد : أخرج نفسك.
وقال مجاهد : هذا في القتال تضرب (٦) الملائكة وجوههم وأدبارهم ، يعني : الأستاه ، ولكنه يكون ـ وهو كقول (٧) ابن عباس رضي الله عنه وقتادة ـ : عند الموت.
قال أبو عوسجة (٨) : غمرات الموت : سكراته (٩) وشدائده ، والغمر : هو الماء الكثير ، والغمر : العداوة ، والغمر : الذي لم يجرب الأمور ، والغمر : الدسم ، والغمر : القدح
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر تفسير الخازن (٢ / ٤١٣ ـ ٤١٤)
(٣) أخرجه ابن جرير (٥ / ٢٧٠ ـ ٢٧١) (١٣٥٦٧ ، ١٣٥٦٨) عن ابن عباس ، و (١٣٥٦٩) عن السدي.
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٨ ـ ٥٩) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٤) وأصل الغمر : إزالة أثر الشيء وبه سمي الماء الكثير لإزالته أثر سيله. وقد غمره الماء : إذا غطاه وستره. قال الشاعر :
ترى غمرات الموت ثم تزورها
وسميت الشدة غمرة لأنها تغمر القلب ، أي تركبه فتغطيه. ومنه «اشتد مرضه حتى غمر عليه» ، وقد غمره الماء فهو غامر ، قال الشاعر :
نصف النهار الماء غامره |
|
ورفيقه بالغيب لا يدري |
وبه يشبه الرجل السخي ، قال الشاعر :
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا
(٥) في ب : هنالك.
(٦) في أ : بضرب.
(٧) في أ : قول.
(٨) ينظر تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٤١٣ ـ ٤١٤).
(٩) في ب : وسكراته.