لهم في الماء من المنافع ، على ما أخبر أنه به يخرج نبات كل شيء ، وبه حياة كل شيء ، [ثم](١) من الأوقات ما لو نزل من السماء ماء لم ينبت ؛ دل أنه إنما ينبت بتدبير غير لا بالماء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً).
قيل : به يخرج أول ما يخرج خضرا يكون ابتداء كل نبت أخضر ، ثم يتحول إلى لون آخر ، ومنهم من قال : به يعني بالماء وهو ما يبقى أخضر لو لا الماء وإلا يبس وتغير عن حال ابتدائه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً) يخبر عن لطفه وصنعه بما يخرج من الحب متراكبا بعضه على بعض ، ما لو اجتمع الخلائق كلهم لم يقدروا على تركيب مثله ؛ ليعلموا أن لغير في ذلك تدبيرا وصنعا.
وفيه دلالة أنه قد ينشئ الأشياء من لا شيء ولا سبب ، وإن كان قد أنشأ بعضها بأسباب ؛ نحو أن أخرج (٢) [من الحبة والنواة نباتا أخضر ، ولم يكن في الحب نبات ثم أخرج](٣) من ذلك النبات الأخضر حبوبا ، ولم تكن الحبوب في النبات ؛ ليعلموا أنه قادر على إنشاء الأشياء لا من شيء ولا سبب.
وفيه نقض قول الدهرية في كون الأشياء في شيء واحد كما هي ؛ لأنه لا يحتمل [أن يكون](٤) عشرة آلاف نواة أو حبة [في](٥) نواة واحدة أو في حبّة واحدة ، أو تكون الشجرة مع طولها وغلظها وعظمها في نواة أو حبة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ النَّخْلِ).
أي : يخرج من النخل طلعها بالماء ، وفيه من عظيم لطفه وتدبيره أن جعل النخيل والأشجار تتشرب بعروقها الماء ، ثم ينتشر [ذلك](٦) في أصلها إلى أغصانها ، ثم يخرج منه ويظهر خضرا ؛ ليعلم عظيم تدبيره ولطفه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قِنْوانٌ دانِيَةٌ).
قيل : القنوان : العروق (٧) يكون فيها التمر والثمار ، واحدها : قنو.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : خرج.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.
(٧) في ب : العذوق.