أن يكون قوله (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) : مستقر](١) في الآخرة بالجزاء لأعمالهم التي عملوا ، ومستودع في الدنيا.
ويحتمل : مستقر بالليالي ، ومستودع (٢) بالنهار ، والأول لبني آدم خاصة.
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ، (لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) الفقه هو معرفة الشيء بمعناه الدال على نظيره ، والعلم ما يعرف نفسه ؛ ولهذا لا يقال : الله فقيه ، ويقال : عالم ؛ لأنه عالم بالأشياء [بذاته لا](٣) بأغيارها ونظائرها ، [والفقيه : هو الذي يعرف الأشياء بأغيارها ونظائرها ودلائلها](٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : ٩٩].
يذكرهم عزوجل عظيم منته بما ينزل من السماء من الماء ، ويخرج به نبات كل شيء ؛ كما ذكرهم من النعم بما جعل لهم من [الشمس والنجوم ؛ ليهتدوا](٥) بها في الظلمات واشتباه الطريق ، وما جعل الليل للسكون والراحة ، والنهار للمعاش والتقلب ، وما جعل لهم من الشمس والقمر ، وجعل لهم فيهما من المنافع من نضج الأنزال والزروع وينعهما ومعرفة عدد السنين والحساب والآجال التي يجعلون للعقود ، وغير ذلك من النعم التي أنعمها عليهم ؛ لئلا يرجعوا (٦) شكر هذه النعم إلى غيره ، ولا يتخذوا إلها سواه ، وقد ذكرنا أن سورة الأنعام نزل أكثرها في محاجة أهل الشرك في إثبات الوحدانية له والألوهية لله ، وإثبات الرسالة والنبوة ، وإثبات البعث بعد الموت ؛ لأنهم كانوا ينكرون ذلك كله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ).
يحتمل قوله : (نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ)] ما (٧) بالخلق حاجة إليه ؛ ليعلم أن كل ما يخرج في (٨) الأرض أصله من الماء به ينبت [مما يكون غذاء](٩) البشر وغذاء الحيوان كلهم والطيور ؛ كقوله : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء : ٣٠] يذكرهم عظيم ما جعل
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) زاد في ب : في الآخرة.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في ب.
(٥) بدل ما بين المعقوفين في ب : النجوم ليهتدوا.
(٦) في ب : يوجهوا.
(٧) في ب : مما.
(٨) في ب : من.
(٩) بدل ما بين المعقوفين في أ : ما يكون عداه.