عبدوها فكأنهم عبدوا الشيطان مثل هذا يحتمل ، والله أعلم.
فإن قيل : فإذا صاروا كأنهم عبدوا الشيطان ، ومن ذكر من الجن بدعائهم إلى ذلك ، وبأمرهم بذلك حتى نسب وأضاف العبادة إليهم ، كيف لا صار المؤمنون كأنهم (١) عبدوا الرسل ؛ لأنهم إنما عبدوا الله بدعاء الرسل وبأمرهم؟
قيل : لأن الرسل إنما دعوهم إلى عبادة الله وأمروهم بذلك ؛ لأن الله ـ تعالى ـ أمرهم بذلك ، وأما أولئك إنما دعوهم إلى عبادة من ذكر بذات أنفسهم.
وفي قوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ) إخبار لأوليائه وتذكير لهم حسن صنيعه إلى أعدائه من الإنعام عليهم ، والإحسان إليهم ، وقبح صنيع أولئك إليه من وصفهم إياه بالولد والشركاء ؛ ليعاملوهم معاملة الأعداء أو معاملة أمثالهم (وَخَلَقَهُمْ) أي : يعلمون أنه هو خلقهم ، ثم يشركون غيره في (٢) ألوهيته وعبادته ، لا يوجهون شكر نعمه إليه.
والثاني : قوله : (وَخَلَقَهُمْ) ، أي : خلق هذه الأصنام التي يعبدونها ، ويعلمون أنها مخلوقة مسخرة مذللة ، فمع ما يعلمون هذا يشركون في ألوهيته وعبادته ، فكيف يكون المخلوق المسخر شريكا له؟!
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ).
هم كانوا فرقا وأصنافا ؛ منهم من يقول بأن عيسى ابنه وهم النصارى ، ومنهم من يقول بأن عزيرا ابنه وهم اليهود (٣) ، وقال مشركو العرب : الملائكة بنات الله ، فقال :
__________________
ـ فأخرجه عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (٥ / ٣١٢) ، والحاكم في (٣ / ٥١٨) كتاب : معرفة الصحابة ، باب : ذكر صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه ، كلاهما من طريق حميد بن الأسود : ثنا الضحاك بن عثمان ، عن سعيد المقبري عن صفوان بن المعطل السلمي ، أنه سأل النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، إني سائلك عن أمر أنت به عالم ، وأنا به جاهل ، قال : «ما هو؟» قال : هل من ساعات الليل والنهار من ساعة تكره فيها الصلاة؟ قال : «فإذا صليت الصبح فدع الصلاة حتى تطلع الشمس ؛ فإنها تطلع بين قرني الشيطان».
وقال الحاكم : (صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي) وأخرجه ابن ماجه (١ / ٣٩٧) كتاب : إقامة الصلاة ، باب : ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة ، الحديث (١٢٥٢) ، والبيهقي (٢ / ٤٥٥) كتاب : الصلاة ، باب : ذكر الخبر الذي يجمع النهي عن الصلاة ، في جميع هذه الساعات ، من رواية ابن أبي فديك ، عن الضحاك ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : «سأل صفوان بن المعطل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال ... فذكره.
وأما حديث مرة بن كعب أو كعب بن مرة :
فأخرجه أحمد (٤ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥).
(١) في ب : لأنهم.
(٢) في ب : و.
(٣) لم ينقل من طريق صحيح عن ملة من الملل إسلامية أو غير إسلامية أنها صرحت بأن الله تعالى اتخذ ـ