عملهم الذي فرض عليهم أن يعملوا ويأتوا به ، وأما ما لا ينبغي أن يقولوا فلا ؛ كقوله : (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) [الحجرات : ٧] الآية ذكر في الإيمان : التزيين ، وفي الكفر : التكريه ، ويقولون : إنه أضاف التزيين إلى الشيطان بقوله : (زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) [الأنفال : ٤٨] وقوله : (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) [محمد : ٢٥] والشيطان (١) يزين لهم المعاصي والفسوق ؛ فلا يحتمل أن يكون الله يزين لهم ما يزين الشيطان ؛ فدل أنه إنما يزين لهم ما يؤمرون به ويفرض عليهم ، ولكن يضاف إليه التزيين ما أضيف إليه حرف الإضلال والإغواء.
وأما عندنا : فالتزيين (٢) على وجهين :
تزيين (٣) في العقول ، وهو تحسين (٤) من طريق الآيات والبراهين ، فذلك لا يحتمل فعل الكفر والضلال أن يكون مزينا من جهة الآيات والحجج.
والثاني : تزيين (٥) في الطباع : بالشهوات ، والأماني ، وفعل كل أحد مزين بالشهوة والحاجة التي مكنت فيه ، ولا شك أن كل كافر لو سئل عن فعله الكفر والضلال ؛ فيقول : هذا الذي زين لي ، وليس إضافة فعل التزيين إلى الله بأكبر وأبعد من إضافة الإضلال والإغواء ، وقد ذكرنا معنى إضافة الإضلال والإغواء إليه في غير موضع ؛ فعلى ذلك التزيين.
ويقولون ـ أيضا ـ : إن التزيين (٦) : تزيين وعد وثواب ؛ فالكافر متى يؤمن بالوعد في الآخرة والثواب فيها ، وهو ليس يؤمن [بالآخرة](٧) ، فهذا بعيد.
__________________
ـ بغداد علي بن عيسى ، فقدم بغداد ، وناظر بها.
وله من التصانيف كتاب (المقالات) وكتاب (الغرر) ، وكتاب (الاستدلال بالشاهد على الغائب) ، وكتاب (الجدل) وكتاب (السنة والجماعة) ، وكتاب (التفسير الكبير) ، وكتاب في الرد على متنبئ بخراسان ، وكتاب في النقض على الرازي في الفلسفة الإلهية ، وأشياء سوى ذلك.
قال محمد بن إسحاق النديم : توفي في أول شعبان سنة تسع وثلاثمائة. كذا قال ، وصوابه : سنة تسع وعشرين.
ينظر : سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي (١٤ / ٣١٣) ، الفرق بين الفرق (١٦٥ ـ ١٦٧) ، الفصل في الملل والنحل (١ / ٧٦ ـ ٧٨) ، وفيات الأعيان (٣ / ٤٥) ، العبر (٢ / ١٧٦).
(١) في ب : فالشيطان.
(٢) في ب : فالتزين.
(٣) في ب : تزين.
(٤) في ب : تزين.
(٥) في ب : تزين.
(٦) في ب : التزين.
(٧) سقط في أ.