وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ).
أي : حكيم بما حكم ووضع كل شيء موضعه ، عليم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
الآية تنقض على المعتزلة قولهم ؛ لأن الولاية [إنما تكون بأفعالهم ثم أضاف الولاية إلى نفسه دل أنه من الله في ذلك صنع ، وهو أن خلق سبب الولاية](١) منهم ، ثم ذكر أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض بقوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [التوبة : ٧١] وذكر أن الكافرين بعضهم أولياء بعض بقوله : (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [المائدة : ٥١].
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ).
اختلف فيه : قال بعضهم (٢) : لم يكن من الجن رسل إنما كان الرسل من الإنس ، لكنه أضاف إلى الفريقين جميعا ؛ كقوله : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٢] ، وإنما يخرج من أحدهما ، وكقوله : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) [نوح : ١٦] : وإنما جعل في واحدة منهن ، وكقول الناس : في سبع قبائل مسجد واحد : وإنما يكون في واحد منها ، وقد يضاف الشيء إلى جماعة والمراد [منه](٣) واحد ؛ فعلى ذلك ما ذكر من إضافة الرسل إلى الإنس والجن.
وقال بعضهم (٤) : كان من الفريقين جميعا : الرسول من الجن جني ، ومن الإنس إنسي ؛ لأن الجن يسترون (٥) من الإنس ، فإنما يرسل إلى الإنس رسلا يظهرون لهم ؛ فبعث إلى كل فريق الرسول من جوهرهم.
وقال بعضهم (٦) : كان الرسل من الإنس إلى الفريقين جميعا ، وكان [من](٧) الجن نذير ؛ كقوله : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ ...) الآية [الأحقاف : ٢٩] ذكر النذر منهم
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ذكره ابن جرير (٥ / ٣٤٥) ، والسيوطي في الدر (٣ / ٨٦) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٣) سقط في أ.
(٤) أخرجه ابن جرير (٥ / ٣٤٥) (١٣٨٩٩) عن الضحاك ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٣ / ٨٦) وعزاه لابن جرير عن الضحاك.
(٥) في ب : يستترون.
(٦) ذكره ابن جرير (٥ / ٣٤٦) ونسبه لابن عباس والسيوطي في الدر (٣ / ٨٦) وعزاه لابن المنذر عن ابن جريج.
(٧) سقط في أ.