قوله ـ عزوجل ـ : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ ...) الآية ، يخبر ـ عزوجل ـ عن سفههم من وجوه :
أحدها : أنهم كانوا يجعلون لله نصيبا مما كان لله في الحقيقة مع علمهم أن الله هو الذي أنشأ لهم تلك الأشياء وهو ذرأها ، ثم يجعلون لله في ذلك نصيبا [وللأصنام نصيبا](١) يسفههم لأنهم إذا علموا أن الله هو الذي ذرأ لهم تلك الأشياء وأنشأها لهم ، فإليه الاختيار في جعل ذلك لا إليهم [إذ علموا](٢) أنهم إنما يملكون هم بجعل (٣) الله لهم ، وهو المالك عليها حقيقة.
والثاني : ما يبين سفههم ـ أيضا ـ أنهم يجعلون لله في ذلك نصيبا وللأصنام نصيبا من الثمار والحروث وغيرها ، ثم إذا وقع [شيء](٤) مما جعلوا لله وخالط ما جزّءوا (٥) وجعلوه لشركائهم تركوه ، وإذا خالط شيء مما جعلوا لشركائهم ، ووقع فيما جعلوه لله أخذوه وردوه على شركائهم وانتفعوا به ، وتركوا الآخر للأصنام إيثارا للأصنام عليه ، وإعظاما لها.
أو إذا زكا نصيب الأصنام ونما ، ولم يزك (٦) نصيب الله ، ولم ينم (٧) تركوا ذلك للأصنام ، ويقولون : لو شاء الله لأزكى نصيبه ، وإذا زكا الذي كانوا يجعلون لله ، ولا يزكو نصيب الأصنام أخذوا نصيب الله فقسموه بين المساكين وبين الأصنام نصفين.
يسفههم ـ عزوجل ـ بصنيعهم (٨) الذي يصنعون ويبين عن جوهرهم بإيثارهم الأصنام ، وإعظامهم إياها ، والتفضيل في القسمة والتجزئة ، مع علمهم أن الله هو الذي ذرأ ذلك وأنشأه (٩) لهم ، وأن الأصنام التي أشركوها في أموالهم وعبادتهم لله لا يملكون من ذلك شيئا.
وذلك منهم سفه وجور ؛ حيث أشركوا في أموالهم وعبادتهم مع الله أحدا لا يستحق بذلك شيئا ، وهو كما جعلوا لله البنات ، وهم كانوا يأنفون عن البنات ، كقوله : (وَإِذا بُشِّرَ
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : يجعل.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : جزاء.
(٦) في أ : يترك.
(٧) في أ : يتمنوا.
(٨) في ب : في صنيعهم.
(٩) في أ : وأنشأ.