أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ...) الآية [النحل : ٥٨] : وقال : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) [الطور : ٣٩] وقال : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) [النجم : ٢٢] تأنفون أنتم عن البنات وتضيفونهن إليه؟! فهو إذا جور وظلم ؛ فعلى ذلك تفضيل الأصنام في القسمة وإيثارهم إياها على الله ، وإشراكهم مع الله ، مع علمهم أنه كان جميع ذلك بالله ، وهو أنشأه لهم ـ جور وسفه.
ثم أخبر أنهم : (ساءَ ما يَحْكُمُونَ).
أي بئس الحكم حكمهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، أي : كما زين لهم جعل النصيب للأصنام [و](١) التجزئة لها ، وصرف ما خلق الله لهم عنه إلى الأصنام كذلك زين لهم قتل أولادهم.
أو كما زين لهم تحريم ما أحل الله لهم من السائبة (٢) والوصيلة (٣) والحامي (٤) كذلك زين لهم شركاؤهم قتل أولادهم.
وأصله : أن الشفقة التي جعل الله في الخلق لأولادهم [و](٥) الرحمة التي جبلت طبائعهم عليها تمنعهم عن قتلهم ، وخاصة أولادهم الضعفاء والصغار ، وكذلك الشهوة
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) السائبة : هي الناقة التي تنتج خمسة أبطن ، فتترك فلا تركب ولا يحمل عليها ولا ترد عن ماء ولا مرعى. وقيل : هي الناقة التي يقول ربها : إن قدمت سالما من سفري أو شفيت من مرضي فناقتي سائبة. فلا ينتفع بها ولا ترد عن ماء ولا علف. ويعتقون العبد ويقولون : هو سائبة ، فلا يعقل أحدهما الآخر ولا يرثه. وقيل : يكون ولاؤه لمعتقه ، ويضع ماله حيث يشاء وأصله من تسيب الدواب ، وهو انبعاثها. يقال : سابت الحية تسيب ، وانسابت تنساب انسيابا. وسابت الدابة تسيب سيوبا ، وساب الماء : جرى ، والمصدر : السيب ، ويعبر به عن العطاء فيقال : أفاض عليه سيبه ، أي رزقه ، وذلك على الاستعارة. وفي الحديث : «وفي السيوب الخمس» قال أبو عبيد : السيوب : الركاز. ولا أراه أخذ إلا من السيب ، وهو العطية. وفي الحديث : «لو سألتنا سيابة أعطيناكها» ، السيابة : البلحة ، والجمع سياب. ومنه سمي الرجل سيابة.
ينظر النهاية (٢ / ٤٣٢) ، وعمدة الحفاظ (٢ / ٢٧٩).
(٣) قيل : هي الأنثى التي تولد من الشاة مع ذكر ، فيقولون : وصلت أخاها ، فلا يذبحونها. وقيل : كانت الشاة إذا ولدت ستة أبطن عناقين عناقين ، وولدت في السابع عناقا وجديا قالوا : وصلت أخاها ، فأحلوا لبنها للرجال وحرموه على النساء ، قاله أبو بكر. وقال ابن عرفة : كانوا إذا ولدت الشاة ستة أبطن نظروا فإن كان السابع ذكرا ذبحوه ، وأكل منه الرجال والنساء. وإن كانت أنثى تركت في الغنم. وإن كانت أنثى وذكرا قالوا : وصلت أخاها ، فلم يذبحوها ، وكان لحمها حراما على النساء.
ينظر عمدة الحفاظ (٤ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦).
(٤) قيل : هو الفحل يضرب عشرة أبطن ، يقولون : قد حمى ظهره ، فلا يركب ولا يحمل.
ينظر عمدة الحفاظ (١ / ٥٢٧)
(٥) سقط في أ.