وقوله ـ عزوجل ـ : (فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ).
أي : ذرهم ولا تكافئهم بافترائهم على الله.
ويحتمل : ذرهم وما يفترون ؛ فإن الله يكافئهم ولا يفوتون.
ويحتمل : ذرهم وما يفترون ؛ فإن ضرر ذلك الافتراء عليهم ، ليس علينا ولا عليك ، والله أعلم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ).
قيل : هذه الآية صلة قوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا) هذا الذي جعلوا للشركاء هو الحجر الذي ذكر في هذه الآية ؛ لأنهم كانوا [لا](١) ينتفعون بذلك ويحرمونه ، وهو حجر.
وأصل الحجر : المنع ، وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال (٢) : الحجر : ما حرموا [أنفسهم](٣) من أشياء : من الوصيلة ، والسائبة ، والحامي ، وتحريمهم ما حرموا من أشياء : كانوا يحلون أشياء حرمها الله ، ويحرمون أشياء أحلها الله في الجاهلية من الحرث والأنعام.
وفي حرف [أبي](٤) وابن عباس (٥) ـ رضي الله عنهما ـ : (حَرَجٍ) ، على تأخير الجيم وتقديم الراء.
وعن الحسن (٦) : (حِجْرٌ) ، برفع الحاء.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) أخرجه ابن جرير بنحوه (٥ / ٣٥٥) (١٣٩٢١) ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٨٩) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في أ.
(٥) وقرأ أبي بن كعب ، وعبد الله بن العباس ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن الزبير ، وعكرمة ، وعمرو بن دينار ، والأعمش : «حرج» بكسر الحاء وراء ساكنة مقدمة على الجيم ، وفيها تأويلان :
أحدهما : أنها من مادة الحرج وهو التضييق.
قال أبو البقاء : وأصله (حرج) بفتح الحاء وكسر الراء ، ولكنه خفف ونقل ؛ مثل (فخذ) في (فخذ).
قال شهاب الدين : ولا حاجة إلى ادعاء ذلك ، بل هذا جاء بطريق الأصالة على وزن (فعل).
والثاني : أنه مقلوب من حجر ، قدمت لام الكلمة على عينها ، ووزنه (فلع) ؛ كقولهم : (ناء) في (نأى) ، و (معيق) في (عميق) ، والقلب قليل في لسانهم.
ينظر اللباب (٨ / ٤٦٠).
(٦) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٣٩) وعزاه لابن الأنباري.