وكذلك قوله ـ تعالى ـ في سورة البقرة : (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) [البقرة : ٢٦٧].
وحديث معاذ ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «في كل ما أخرجت الأرض العشر ، أو نصف العشر» (١).
وحديث ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كتب إلى أهل اليمن (٢) بذلك (٣).
__________________
ـ عادة ، فلا عشر عندهما في نحو حطب وحشيش وتبن وبذر بطيخ وقصب فارسي ، لأنه لا يقصد بهذه الأشياء استغلال الأرض ونماؤها عادة ، لأن الأرض لا تنمو بها بل تفسد ، وأما لو اتخذ الأرض مشجرة أو مقصبة أو منبتا للحشيش ، فإن الزكاة تجب في الخارج منها ، لأنه غلة وافرة قصد بها استغلال الأرض ، ولعموم الآيات والأحاديث السابقة.
ثانيا : الحق الواجب (مقدار زكاة الزروع والثمار) :
وضحت السنة ما أجمله القرآن في الحق الواجب في زكاة الثمار والزروع ، ففي الحديثين السابقين تحديد لمقدار هذه الزكاة ، وهو أنه العشر أو نصف العشر ، فإن كان قد سقي بماء السماء مطر أو ثلج أو برد أو طل أو سقي من العيون والأنهار الجارية أو كان عثريا وهو الذي يشرب بعروقه وهو المعروف بالبعلي ، فزكاته عشر الخارج منه وإن كانت الزروع والثمار قد سقيت بالسواني وهي الدواب أو سقيت بالنضح كنضح الرجال بالآلة والمراد ما كان سقيه بتعب ومئونة ، ففيه نصف الشعر ، وهذه التفرقة بين ما سقي بتعب ومئونة. وبين ما سقي بلا تعب ولا مئونة ، حكمتها واضحة جلية ، وهو أن زيادة المؤنة والمشقة تقتضي الرفق والتخفيف.
قال النووي : وهذا متفق عليه ، وإن وجد ما يسقى بالنضح تارة ، وبالمطر أخرى ، فإن كان ذلك على جهة الاستواء وجب ثلاثة أرباع العشر ، وهو قول أهل العلم ـ قال ابن قدامة : لا نعلم فيه خلافا. وإن كان أحدهما أكثر ، كان حكم الأقل تبعا للأكثر عند أحمد والثوري وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي ، وقيل : يؤخذ بالتقسيط ، ويحتمل أن يقال : إن أمكن فصل كل واحد منهما أخذ بحسابه ، وعن ابن القاسم صاحب مالك : العبرة بما تم به الزرع ولو كان أقل.
ينظر المفصل في الفقه الإسلامي وتاريخه ص (٣٣٠ : ٣٣٣).
(١) أخرجه النسائي (٥ / ٤٢) كتاب : الزكاة ، باب : ما يوجب العشر وما يوجب نصف العشر ، وابن ماجه (١ / ٥٨١) كتاب : الزكاة ، باب : صدقة الزروع والثمار ، حديث (١٨١٨) ، والبيهقي (٤ / ١٣١) كتاب : الزكاة ، باب : قدر الصدقة فيما أخرجت الأرض عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن معاذ بن جبل ، قال : بعثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى اليمن ، وأمرني أن آخذ مما سقت السماء ، وما سقي بعلا العشر ، وما سقى بالدوالي ، نصف العشر.
(٢) بالتحريك ، قيل سميت اليمن لتيامنهم إليها لما تفرقت العرب من مكة ، كما سميت الشام لأخذهم الشمال ، والبحر محيط بأرض اليمن من المشرق إلى الجنوب ، ثم راجعا إلى الغرب يفصل بينها وبين باقي جزيرة العرب خط يأخذ من بحر الهند إلى بحر اليمن عرضا في البرية من المشرق إلى جهة الغرب. ينظر مراصد الاطلاع (٣ / ١٤٨٣).
(٣) أخرجه البخاري (٣ / ٣٤٧) كتاب الزكاة : باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري ، الحديث (١٤٨٣) ، وأبو داود (٢ / ٢٥٢) كتاب الزكاة : باب صدقة الزرع ، حديث (١٥٩٦) ، والترمذي (٢ / ٧٥) كتاب الزكاة : باب ما جاء في الصدقة فيما يسقى بالأنهار وغيرها ، حديث (٦٣٥) والنسائي (٥ / ٤١) كتاب الزكاة : باب ما يوجب العشر ، وما يوجب نصف العشر ، وابن ـ