فأما البقول (١) والرطاب (٢) والبطيخ (٣) والقثاء (٤) والخيار والتفاح وأشباهها : فلا صدقة فيها ، هذا كله يدل لأبي يوسف ومحمد ـ رحمهماالله ـ إلا أنا لا نعلم مخالفا أن فيما يباع من الرطب صدقة ، وإن كان يؤكل كهيئته ، فهذا يفسد ما احتججنا به لأبي يوسف ومحمد ومن وافقهما ، وتأويل ما روي «أن لا صدقة في الخضراوات» ، «وليس في أقل من خمسة أوسق صدقة تؤخذ» ، وإنما عليه في نفسه أن يؤديها ، والله أعلم.
وجائز أن يكون قوله : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) : على أولئك خاصّة في ذلك الوقت ، أو يقول : وآتوا حقه ولا تصرفوا إلى الأصنام التي تصرفون إليها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ).
هو صلة قوله : (أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) إلى آخر ما ذكر ، وأنشأ ـ أيضا ـ من الأنعام حمولة وفرشا.
__________________
(١) والبقل ما لا ينبت أصله وفرعه في الشتاء. وقيل : البقل ما لا ساق له ، خلاف الشجر. واستعير منه بقل : أعشب. قال :
فلا ديمة ودقت ودقها |
|
ولا أرض أبقل إبقالها |
ويقال : بقل وبقول وهي الخضراوات. قال :
جارية لم تأكل المرفقا |
|
ولم تذق من البقول الفستقا |
قيل : (من) بمعنى (بدل) ، أي بدل البقول.
ينظر : عمدة الحفاظ (١ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩) ، وتاج العروس (٢٨ / ٩٨).
(٢) يقال رطب البسر رطوبا : صار رطبا والرطب نضيج البسر قبل أن يصير تمرا ، وذلك إذا لان وحلا ، أو ثمر النخل إذا أدرك ونضج قبل أن يصير رطبا.
ينظر : المعجم الوسيط (١ / ٣٥١) (رطب).
(٣) ثمر نبات حولي من الفصيلة القرعية وله عدة أنواع : يسمى في جنوب بلاد الشام باسم «بطيخ أصفر» و «بطيخ أخضر» وفي شمالها «جبس» ، وكان يسمى أيضا «حبحب» ، وفي مصر «بطيخ» وفي المغرب «دلّاع» ، وفي العراق «الرقّي» نسبة إلى بلدة الرقة ، وفي الحجاز «طبّيخ» ، وكان يسمى أيضا «البطيخ الشامي» أو «الخربز» وهذا من الفارسية و «خربز» و «البطيخ الهندي». وكلمة «زبش» كانت تطلق قديما عليه في الشام وهي محرفة من «جبس».
جاء في كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية هذا النص : «إن النبي محمدا عليه الصلاة والسلام : كان يأكل البطيخ بالرطب ، ويقول : «يدفع حرّ هذا برد هذا» وفي البطيخ عدة أحاديث لا يصح منها شيء غير هذا الحديث الواحد.
ينظر : معجم النبات ص (٧٠ ، ٧١).
(٤) نبات من الفصيلة القرعية أصل اسمها من اللاتينية واسمه بالعربية «القشعر» ، ويعرفها عامة الشام باسم «المقتي ، والقتي (بالإمالة) ، ومن فصيلتها الخيار ، والعجور ، والفقوص ، وعبد اللاوي ، والشعرورة (القثاء الصغير) ، والضغابيس! كما تعرف باسم القثّ» من الهيروغليفية «قات». عرفت «القثاء» منذ القديم ، وزرعت ، وأكلت. عرفها قدماء المصريين ، واستعملوا بذرها لإدرار الحليب والبول ولزيادة القوة الجنسية ، وأضفوا عليها خصائص الخيار. ينظر قاموس الغذاء ص (٥١٧).