وعن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يبعث أبا خيثمة خارصا للنخل ، ويقول له : «إذا وجدت أهل بيت في حائطهم ، فلا تخرص بقدر ما يأكلون» (١).
وعن مكحول (٢) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خفضوا على الناس في الخرص ؛ فإن في المال العرية والوصية» (٣).
فدلت (٤) هذه الأحاديث [على](٥) أنه لا صدقة فيما يؤكل من الثمر (٦) رطبا إذا لم يكن فيما يأكلون إسراف.
وقدر النبي صلىاللهعليهوسلم لذلك الثلث أو (٧) الربع ، وذلك ـ والله أعلم ـ يشبه ما دلت عليه الآية على تأويل من جعل الحق زكاة ؛ لأن الله ـ تعالى ـ قال : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ؛ فاحتمل أن يكون ـ أيضا ـ معنى ذلك : ولا تسرفوا في الأكل ؛ فيجحف ذلك بأهل الصدقة ، ويحتمل أن يكون ذلك نهيا عن الإسراف في جميع الأشياء ، على ما ذكرنا من قبل.
وإذا صح أن لا صدقة فيما يؤكل من الرطب والعنب والثمار بهذه الأخبار ، وأن الصدقة إنما تجب فيما يلحقه الحصاد يابسا يمكن ادخاره ـ فالواجب ألا يكون في شيء من الخضر التي تؤكل (٨) رطبة صدقة ، وألا تكون الصدقة واجبة إلا فيما يبس منها ، ويمكن أن يدخر.
__________________
ـ ومن طريق الدار قطني رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية ، قال ابن حبان في كتاب الضعفاء : ليس هذا من كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإنما يعرف بإسناد منقطع ، فقلبه هذا الشيخ عن أبي رجاء العطاردي.
(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٤ / ١٣٠) (٧٢٢٢) وابن أبي شيبة (٢ / ٤١٤) (١٠٥٦٠) ، والبيهقي في سننه الكبرى (٤ / ١٢٤).
(٢) مكحول قيل هو ابن سهراب ، أبو عبد الله ، ويقال : أبو أيوب ، ويقال : أبو مسلم. مولى هذيل.
أصله من الفرس. دمشقي. فقيه تابعي. أعتق بمصر ، وجمع علمها ، وانتقل في الأمصار. عده الزهري عالم أهل الشام وإمامهم قال يحيى بن معين : كان قدريا ثم رجع.
ينظر : تذكرة الحفاظ (١ / ١٠١) ، وتهذيب التهذيب (١٠ / ٢٨٩) ، والأعلام (٨ / ٢١٢).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢ / ٤١٤ ـ ٤١٥) (١٠٥٦٢) وذكره ابن حجر العسقلاني في تلخيص الحبير (٢ / ٣٣٣) وعزاه لابن عبد البر عن جابر مرفوعا.
(٤) في ب : دلت.
(٥) سقط في أ.
(٦) في ب : التمر.
(٧) في أ : و.
(٨) في ب : الذي يؤكل.