وقوله : (هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا) [الأنعام : ١٣٨] وقوله : (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) [الأنعام : ١٣٩] ، يقول : كلوا مما رزقكم الله ؛ وكذلك قوله : (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) ، وانتفعوا به ، (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) : في تحريم ذلك على أنفسكم ، واعرفوا نعمه التي أنعمها عليكم ، ووجهوا شكر نعمه إليه ، ولا توجهوها إلى غيره.
ثم قوله : (خُطُواتِ الشَّيْطانِ).
قيل : آثار الشيطان.
وقيل : أعمال الشيطان.
وقيل : دعاء الشيطان وتزيينه ، وكله واحد.
وأصله : أن كل من أجاب آخر إلى ما يدعو إليه ويأتمر بأمره ، يقال : قد اتبع أثره ، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).
أي : إنه فيما يدعوكم إلى (١) تحريم ما أحل الله لكم ورزقكم ـ يقصد قصد إهلاككم وتعذيبكم ، لا قصد منفعة لكم في ذلك ، وكل من قصد إهلاك آخر فهو عدوّ له ، وهو يخرج على ما ذكرنا من تذكير المنن والنعم التي أنعمها عليهم ، يقول : هو الذي جعل لكم ذلك ؛ فلا تصرفوا شكره إلى غيره.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ...) إلى آخر ما ذكر.
أي : أنشأ ـ أيضا ـ ثمانية أزواج ، على ما ذكر : أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ، وأنشأ من الأنعام ـ أيضا ـ حمولة وفرشا ، وأنشأ ـ أيضا ـ ثمانية أزواج مما عد علينا.
ويحتمل أن يكون قوله : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ...) إلى آخر ما ذكر هو تفسير قوله : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً) ، ويكون (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) التي ذكر في الآية بيان الحمولة والفرش التي ذكر في الآية الأولى.
ثم في قوله : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) : في الآية تعريف المحاجة مع الكفرة وتعليمها من الله ؛ لأنهم كانوا يحرمون أشياء على الإناث ويحللونها
__________________
(١) في أ : أي.