سؤاله لهم عن ذلك ، ولا يحتمل أن يأمره بالسؤال ثم لا يسأل ، أو يسأل هو ولا يخبرونه ـ فدل أنه على البيان خرج لا على الأمر.
والثاني : على أمر سبق ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) [المؤمنون : ٨٤ ، ٨٥] وكقوله : (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ...) [المؤمنون : ٨٨] إلى قوله : (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) [المؤمنون : ٨٩] وقوله : (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الرعد : ١٦] ونحوه ، كان على أمر سبق ، فسخرهم (١) ـ عزوجل ـ حتى قالوا : الله ؛ كقوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [لقمان : ٢٥] ذلك تسخير منه إياهم حتى قالوا : الله.
وفي حرف ابن مسعود ، وأبي بن كعب ـ رضي الله عنهما ـ (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ) هذا يدل على أنه كان على أمر سبق.
وقال بعضهم (٢) : (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : سلهم ، فإن أجابوك فقالوا : لله ، وإلا فقل لهم أنت : لله.
وقال قائلون : فإن سألوك لمن ما في السموات والأرض؟ قل لله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ).
قال الحسن : كتب على نفسه الرحمة للتوابين [إن شاء](٣) أن يدخلهم الجنة ، لا أحد يدخل الجنة بعمله ، إنما يدخلون الجنة برحمته ، وعلى ذلك جاء الخبر عن نبي الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يدخل أحد الجنة بعمله» قيل : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته» (٤).
وقيل : كتب على نفسه الرحمة أن يجمعهم إلى يوم القيامة ، أي : من رحمته أن يجمعهم إلى يوم القيامة ، حيث جعل للعدو عذابا ، وللولي ثوابا ، أي : من رحمته أن يجمعهم جميعا ، يعاقب العدو ويثيب الولي.
وقيل (٥) : أي : من رحمته أن جعل لهم الجمع (٦) ، فأوعد العاصي العذاب ، ووعد
__________________
(١) في أ : فيخيرهم.
(٢) ذكره الرازي في تفسيره (١٢ / ١٣٦) بنحوه ، وكذا أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٨٥ ـ ٨٦).
(٣) سقط في أ.
(٤) أخرجه بنحوه البخاري في صحيحه (١١ / ٣٠٠) كتاب الرقاق باب القصد والمداومة (٦٤٦٣) ومسلم (٤ / ٢١٦٩) كتاب صفات المنافقين باب لن يدخل أحد الجنة بعمله (٧١ ـ ٢٨١٦).
(٥) ذكره الرازي في تفسيره (١٢ / ١٣٧) بنحوه.
(٦) في ب : الجميع.