المطيع الثواب ؛ ليمنع العاصي ذلك عن عصيانه ، وليرغب المطيع في طاعته ، وذلك من رحمته.
وقال قائلون : (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) لأمة محمد ألا يعذبهم عند التكذيب ، ولا يستأصلهم ، كما عذب غيرهم من الأمم ، واستأصلهم عند التكذيب ، فالتأخير الذي أخراهم إلى يوم القيامة من الرحمة التي كتب [على نفسه](١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) قيل (٢) : (إِلى) صلة ، ومعناه : ليجمعنكم يوم القيامة.
وقيل (٣) : (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي : ليوم القيامة ، كقوله : (لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) [آل عمران : ٩].
وقال قائلون (٤) : قوله : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) في القبور (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) ثم يجمعكم يوم القيامة والقرون السالفة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا رَيْبَ) أي : لا ريب في الجمع والبعث بعد الموت عند من يعرف أن خلق الخلق للفناء خاصة ، لا للبعث والإحياء بعد الموت للثواب والعقاب ، ليس لحكمة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) قد ذكرناه (٥).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) في الآية ـ والله أعلم ـ إنباء أن الخلق كلهم تحت قهر الليل والنهار وسلطانهما ، مقهورين مغلوبين ؛ إذ لم يكن لأحد من الجبابرة (٦) ، والفراعنة (٧) الامتناع عنهما ، ولا صرف أحدهما إلى الآخر ،
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ذكره الرازي في تفسيره (١٢ / ١٣٨) وابن عادل في اللباب (٨ / ٤٦).
(٣) ذكره أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط (٤ / ٨٦).
(٤) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٨٧).
(٥) في سورة النساء آية : [١١٩].
(٦) الجبار هو من يجبر نقيصته بادعاء منزلة لا يستحقها ، وهي غالبا للذم كما في قوله تعالى (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)[إبراهيم : ١٥] وقوله : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [غافر : ٣٥] أي : متعال عن قبول الحق والإذعان له. ينظر عمدة الحفاظ (١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧).
(٧) فرعون : لقب كل من ملك مصر كالعزيز لكل من ملكه ، ويقال : أول من لقب به بمصر دفافة بن معاوية بن أبي بكر العمليقي ، وهو الذي وهب هاجر أم إسماعيل ، عليهالسلام ، أو كل عات متمرد : فرعون ، والجمع : فراعنة.
ينظر التاج (فرعن).