وفيه دليل إثبات رسالة محمد ونبوته صلىاللهعليهوسلم لأنهم كانوا يحرمون هذه الأشياء فيما بينهم ، ولا يقولون : إنهم ظلمة ، وإن ما حرم عليهم [كان](١) بظلم كان منهم وبغى ، ثم أخبرهم النبي صلىاللهعليهوسلم أن ما حرم عليهم من الطيبات إنما حرم بظلمهم وبغيهم ؛ دل أنه إنما أخبر بذلك عن الله ، وبه عرف ذلك ؛ فدل أنه آية من آيات نبوته صلىاللهعليهوسلم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ).
أي : ذلك التحريم عقوبة لبغيهم وظلمهم.
(وَإِنَّا لَصادِقُونَ) [أي : إنا لصادقون](٢) بالإنباء أن ذلك كان بظلمهم وبغيهم ، أو (٣) إنا لصادقون في كل ما أخبرنا وأنبأنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ) [١٤٧].
قال الحسن (٤) : فإن كذبوك فيما تدعوهم إليه وتأمرهم به : من التصديق ، والتوحيد له ، والربوبية فقل : ربكم ذو رحمة [واسعة](٥) إذا رجعتم عن التكذيب ، وصدقتم وعرفتم أنه واحد لا شريك له ، يغفر لكم ما كان منكم في حال الكفر ، ويكفر عنكم سيئاتكم التي كانت.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [١٤٧].
كأنه على التقديم والتأخير ، [كأنه](٦) يقول : فإن كذبوك فقل : (وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).
ثم قل : (رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ) : يسع في رحمته العفو إذا تبتم.
وقال غيره من أهل التأويل : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ) يا محمد حين أنبأتهم بما حرم الله عليهم بظلمهم وبغيهم ، (فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ) لا يهلك [أحدا](٧) وقت ارتكابه المعصية ، ولا يعذبه حالة ذلك ، لكنه يؤخر ، (وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ) أي : عذابه إذا نزل بقوم مجرمين بجرمهم ، والله أعلم.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : و.
(٤) ذكره أبو حيان في البحر المحيط بنحوه (٤ / ٢٤٧).
(٥) سقط في أ.
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في أ.