وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما).
قيل (١) : [تحرم](٢) [شحوم](٣) بطونهما ، ومن الثروب (٤) ، وشحم الكليتين.
(أَوِ الْحَوايا). وهي المباعر والمصارين ، أي : الشحم الذي عليهما.
(أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ).
قيل (٥) : الألية.
وقيل : قوله : (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) : هو سمن اللحم ، قيل فيه أقاويل مختلفة في هذا ، وفي الأول في قوله : (حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) ، لكن ليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة ؛ لأن تلك شريعة قد نسخت ، والعمل بالمنسوخ حرام ، فإذا لم يكن علينا العمل بذلك فليس (٦) لنا إلى معرفة ذلك حاجة كان ذا أو ذا ، وإنما علينا أن نعرف : لم كان (٧) ذلك التحريم عليهم؟ وبم كان تحريم هذه الأشياء عليهم؟
فهو ـ والله أعلم ـ ما ذكر في قوله : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً ...) الآية [النساء : ١٦٠] الآية ، أخبر أن ما حرم عليهم من الطيبات ؛ بظلمهم للذين ظلموا ؛ ولذلك قال الله ـ تعالى ـ :
(ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ).
أخبر أن ذلك جزاء بغيهم الذي بغوا.
والثاني : أنهم كانوا يدعون ويقولون : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة : ١٨] ، يقول : لو كنتم صادقين في زعمكم أنكم أبناء الله وأحباؤه ، لكن لا أحد يعاقب ولده أو حبيبه بأدنى ظلم ، ولا يحرم عليه الطيبات ، فإذا كان الله حرم عليكم الطيبات ، وجزاكم بتحريم أشياء ؛ عقوبة لكم بظلمكم وبغيكم ـ ظهر أنكم كذبتم في دعاويكم ، وافتريتم بذلك على الله.
__________________
(١) أخرجه بمعناه ابن جرير (٥ / ٣٨٣) (١٤١٠٩) عن السدي (١٤١١٠) عن ابن زيد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٠١) وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي ، ولابن المنذر عن ابن جريج.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في ب.
(٤) جمع ثرب وهو شحم رقيق يغشى الكرش والأمعاء. المعجم الوسيط (١ / ٩٤) ثرب.
(٥) أخرجه ابن جرير (٥ / ٣٨٥) (١٤١٢٧) عن ابن جريج وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٠١) وعزاه لابن المنذر وأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٦) في ب : ليس.
(٧) في ب : بم كان.