(إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ).
أي : ما تتبعون في ذلك إلا الظن.
(وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) [الأنعام : ١١٦]
أي : ما هم إلا يخرصون ويكذبون في ذلك ، ليست لهم حجة ولا بيان على ما يدعون من الأمر والدعاء إلى ذلك ، والترك على ما هم عليه من الرضا به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ).
[قيل : الحجة البالغة](١) : التي إذا بلغت كل شبهة أزالتها ، وكل غافل نائم نبهته وأيقظته.
وقيل (٢) : الحجة البالغة : التامة القاهرة ، الظاهرة على كل شيء ، الغالبة عليه ، لم تبلغ شيئا إلا قهرته وغلبته.
وقال الحسن : الحجة البالغة في الآخرة : لا يعذب أحدا ولا يعاقبه إلا لحجة تلزم ، لا يعاقب بهوى أو انتقام أو شهوة على ما يعاقب في الشاهد ولا غيره ، ما من أحد من الخلائق إلا ولله عليه الحجة البالغة ، أما الملك المقرب : فإن الله جبله على الطاعة فلا يعصيه ، منّا من الله عليه طولا وفضلا ، فهو مقصر عن شكر نعمة الله عليه ، وأما النبي المرسل والعبد الصالح : فلله عليهما السبيل والحجة من غير وجه.
ثم تحتمل الحجة البالغة وجوها :
أحدها : هذا القرآن الذي أنزله على رسول الله صلىاللهعليهوسلم آية معجزة وحجة بالغة ما عجز الخلائق عن إتيان مثله ، فدل عجزهم عن إتيان مثله على أنه آية من آيات الله ، وحجة من حجج الله أرسلها إلى نبيه صلىاللهعليهوسلم.
والثاني : أنه جعل في كلية الخلائق والأشياء ما يشهد أن الخلائق والأشياء كلها له شهادة خلقه ، وتدل كلية الأشياء على وحدانيته ، فهو حجة بالغة.
والثالث : ألسن الرسل وأنباؤهم ؛ [حيث لم يؤاخذوهم بكذب قط فيما بينهم ، ولا جرى على لسانهم كذب قط ، ولا فحش ؛ عصمهم ـ عزوجل ـ](٣) عن ذلك ، فدل [ذلك](٤) على أنهم إنما خصوا بذلك ؛ لما أن الله جعلهم حججا وآيات على وجه الأرض حجة بالغة ، وبالله العصمة.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر تفسير البغوي والخازن (٢ / ٤٦٤).
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في أ.