قال بعضهم (١) هو إخبار عن سرعة (٢) إتيان العذاب ؛ لأن كل آت قريب كأنه قد جاء ، كقوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١] ، (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) [الأنبياء : ١] ، (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) [القمر : ١] ونحوه : أنه إذا كان آتيا لا محالة (٣) جعل كأنه قد جاء.
وقال بعضهم : ذلك إنباء عن شدة عذابه لمن عصاه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ).
قيل : يبتلي الموسر في حال الغناء ، والصحيح في حال صحته ، ويبتلي الفقير في حال فقره ، والمريض في حال مرضه ، والابتلاء من الله ـ تعالى ـ على وجهين :
إما أمرا بالشكر على ما أنعم.
أو صبرا على ما ابتلاه بالشدائد ، والابتلاء منه هو ما بين السبيلين جميعا سبيل الحق وسبيل الباطل ، وبين أن كل سبيل إلى ما ذا أفضاه لو سلكه : لو سلك سبيل الحق أفضاه إلى النعم الباقية والسرور الدائم ، وإن سلك سبيل الباطل أفضاه إلى عذاب شديد وحزن دائم.
ثم خيره بين هذين ؛ فهو معنى الابتلاء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
للمؤمنين ، وقد ذكرناه (٤) [والحمد لله رب العالمين](٥).
* * *
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي والخازن (٢ / ٤٧٨) ، والبحر المحيط لأبي حيان (٤ / ٢٦٣).
(٢) في أ : معرفة.
(٣) في أ : محال.
(٤) في سورة البقرة [١٧٣].
(٥) سقط في أ.