بيمينه ، ولا كان عندهم من شعرائهم (١) ، ولا المعروف بأنسابهم (٢) وعلم أنبيائهم ؛
__________________
(١) الصواب أنه صلىاللهعليهوسلم كان لا يحسن الشعر ، ويحرم عليه التوصل إلى تعلمه وروايته.
قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ)[يس : ٦٩] أخبر سبحانه وتعالى عن نبيه صلىاللهعليهوسلم بأنه لم يؤته معرفة الشعر ، وأنه لا ينبغي له أن يصلح له.
قال الخليل بن أحمد : كان الشعر أحب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من كثير من الكلام ، ولكن لا يتأتى له.
روى ابن أبي حاتم ، عن الحسن البصري ـ رضي الله تعالى عنه ـ أنه صلىاللهعليهوسلم كان يتمثل بهذا البيت :
كفى الإسلام والشيب للمرء ناهيا
فقال أبو بكر ـ رضي الله تعالى عنه ـ :
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فأعادها بالأول ، فقال أبو بكر : أشهد أنك رسول الله ، يقول الله تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ).
وروى البيهقي رضي الله تعالى عنه ، أنه صلىاللهعليهوسلم قال للعباس بن مرداس : أنت القائل :
أصبح نهبى ونهب العبيد |
|
بين الأقرع وعيينة |
فقال أبو بكر بأبي أنت وأمي يا رسول الله : ما أنت بشاعر ، ولا راوية ، ولا ينبغي لك ، إنما قال بين عيينة والأقرع.
وروى أبو داود ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما أبالي ما أتيت أني شربت ترياقا ، قال : أو تعلقت بهيمة ، أو قلت الشعر من قبل نفسي ، أي من جهة نفسي ، فخرج به ما قاله حاكيا عن غيره إلا عن نفسه ، كما في الصحيح ، أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
قال الإمام إبراهيم الحربي : ولم يبلغني أنه صلىاللهعليهوسلم أنشد بيتا تاما على روايته ، بل إما الصدر كقول لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
أو العجز كقول طرفة :
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فإن أنشد بيتا كاملا غيّره ، كبيت العباس بن مرداس.
وروى البيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها ، قالت : «ما جمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيت شعر قط».
وروى ابن سعد ، عن الزهري ، رضي الله تعالى عنه ، قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم وهم يبنون المسجد :
هذا الحمال لا حمال خيبر |
|
هذا أبر ربنا وأطهر |
قال الزهري : «إنه لم يقل شيئا من الشعر ، إلا قيل قبله إلا هذا».
قال العلماء رحمهمالله تعالى : وما روي عنه صلىاللهعليهوسلم من الرجز كقوله :
هل أنت إلا إصبع دميت |
|
وفي سبيل الله ما لقيت |
وغير محمول على أنه لم يقصده ، ولم يسم شعرا إلا ما كان مقصودا.
قال النووي : كان لا يحسن الشعر ، ولكن يميز بين جيده ورديئه.
وقال الزركشي : ظاهر كلامهم ، أن هذا من خصائص نبينا صلىاللهعليهوسلم وأن غيره من الأنبياء ليس كذلك. ينظر سبل الهدى والرشاد (١١ / ٢٧٣ ـ ٢٧٦).