وقال بعضهم (١) : الوزن يومئذ الحق ، أي : الجزاء يومئذ الحق ؛ يجزي للطاعة الحسنة والثواب ، وللسيئة عقاب وعذاب ، فهو حق.
وقال بعضهم : قوله : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) [أي](٢) : الطاعة حق ، كل مطيع يومئذ فهو حق.
ويحتمل أن يكون الوزن الحدود ، والتقدير كقوله : (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) [الحجر : ١٩] ، أي : محدود مقدر ؛ فعلى ذلك قوله : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) ، أي : الحد يومئذ الحق ، لا يزاد على السيئات ، ولا ينقص من الحسنات التي عملوا في الدنيا ، والله أعلم بما أراد بالوزن.
ثم قال أهل التأويل (٣) في قوله : (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) ، أي : غبنوا ؛ وذلك أنه ما من أحد من مؤمن وكافر إلا وله في الجنة والنار منزل وأهل ، فيرث المؤمن المنزل الذي كان للكافر في الجنة ، ويرث الكافر المنزل الذي للمؤمن في النار ؛ فذلك الخسران الذي خسروا ، لكن هذا لا يحتمل أن يكون الله ـ تعالى ـ يجعل للكافر في الجنة منزلا وأهلا مع علمه أنه لا يؤمن ، ويختم على كفره ، ويحتمل الخسران الذي ذكر هو أنهم خسروا في الدنيا والآخرة لما فات عنهم النعم التي كانت لهم في الدنيا ولم يصلوا إلى نعيم الآخرة ، فذلك هو الخسران المبين في الدنيا والآخرة.
[و] قوله عزوجل : (بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) قال الحسن : ب «آياتنا» : ديننا يكذبون ، ولكن كذبوا حججنا (٤). «يظلمون» أي : يضعونها في غير موضعها ، وهو ما ذكر من ظلمهم الآيات ؛ لأن الظلم هو وضع الشيء [في](٥) غير موضعه ، ثم المسألة فيمن ارتكب كل ذنب وكبيرة في حال كفره عمره ثم آمن في آخره ، صار ما كان ارتكب في حال كفره من الكبائر مغفورا معفوّا عنه غير مؤاخذ بها ، ومن ارتكب ذلك في حال إيمانه ، وختم على الإيمان لم يعمل الإيمان في تكفيره وكان مؤاخذا به ، وذلك والله أعلم ؛ لوجهين :
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٣٢) (١٤٣٣٤) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٢٩) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٤٨٣).
(٤) في أ : بآياتنا.
(٥) سقط في أ.