مِنَ السَّماءِ) [سبأ : ٩] دخل «ما فوق» بذكر ما بين أيديهم ، ودخل «ما تحت» بذكر ما خلفهم ؛ فعلى ذلك هذا يدخل «ما تحت» و «ما فوق» بذكر ما ذكر ؛ فيصير كأنه قال : فيأتيكم من كل وجه.
ويحتمل أنه لم (١) يذكر هذا ؛ لما أنه لا سلطان له على منع الأرزاق والبركات ؛ لأن أرزاق الخلق والبركات مما ينزل من السماء من المطر ، ويخرج من الأرض من النبات ؛ فليس له سلطان يمنع (٢) إنزال المطر وإخراج النبات من الأرض ، وله سلطان على غير ذلك.
أو يكون (٣) لما يشغلهم ويشهيهم من بين أيديهم ومن خلفهم ، وعن أيمانهم وعن شمائلهم من اللذات والشهوات لما [إذا رأى أشياء أعجبته](٤) أتبع النظر إليها واحدا بعد [واحد](٥) من أمام ووراء ويمين وشمال ، ولا كذلك من تحت ولا من فوق أو أن (٦) يكون ؛ لما روى عن ابن عباس (٧) ـ رضي الله عنه ـ أنه لما (٨) تلا هذه الآية قال : [إن](٩) الله منعه من أن يأتيهم من فوقهم ، ولو كان ذلك لما نجا أحد ، فأعمالهم تصعد إلى الله ، ورحمته تنزل عليهم.
وقال قتادة (١٠) : أتاك اللعين من كل نحو يا ابن آدم ، غير أنه لا يستطيع أن يحول بينك وبين رحمة ربك ؛ إنما تأتيك (١١) الرحمة من فوقك.
والذي ذكرنا أنه على التمثيل أنه يأتيه من كل جانب أشبه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) يخرج على وجهين :
أحدهما : ليس على إرادة «بين» و «خلف» و «أيمان» و «شمال» ولكن على إرادة
__________________
(١) في أ : ولم.
(٢) في ب : على منع.
(٣) في أ : ويكون.
(٤) في أ : آمنوا أي شيئا أعجبه.
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : وأن.
(٧) أخرجه بمعناه ابن جرير (٥ / ٤٤٧) (١٤٣٨٧) وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٣٦) وعزاه لعبد بن حميد واللالكائي عن ابن عباس.
(٨) في ب : أنه إذا.
(٩) سقط في أ.
(١٠) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٣٦) وعزاه لأبي الشيخ عن عكرمة مولى ابن عباس.
(١١) في ب : يأتيك.