وفيه أنه يجب أن نكون على حذر من شر إبليس اللعين ؛ لئلا يجد فرصة علينا ؛ فإنه أبدا على [سلب](١) النعم [التي](٢) أنعمها الله على عباده ، حيث (٣) احتال كل حيلة (٤) ؛ حتى أبدى لهما ما ووري وستر عنهما من العورة وعمل في إخراجهما من النعم واللذات ، وأوقعهما في الشدائد والمشقة.
وفيه أنه ليس [حال](٥) عليه أشد من أن رأى أحدا في النعم والسعة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ).
قد ذكرنا معنى هذا ـ أيضا ـ في صدر الكتاب (٦).
__________________
ـ وعدم إظهاره من الجسم ، وحدّها يختلف باختلاف الجنس وباختلاف العمر ، كما يختلف من المرأة بالنسبة للمحرم وغير المحرم. ينظر : لسان العرب : عور ، والمصباح المنير (عور) ، وتفسير القرطبي (١٢ / ٣٠٥) ، والشرح الصغير (١ / ٢٨٣).
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : وحيث.
(٤) الحيلة لغة : الحذق في تدبير الأمور ، وهو تقليب الفكر حتى يهتدي إلى المقصود ، وأصل الياء واو ، وهي ما يتوصل به إلى حالة ما ، في خفية.
وأكثر استعمالها فيما في تعاطيه خبث. وقد تستعمل فيما فيه حكمة.
وأصلها من الحول ، وهو التحول من حال إلى حال بنوع تدبير ولطف يحيل به الشيء عن ظاهره ، أو من الحول بمعنى القوة. وتجمع الحيلة على : الحيل.
أما في الاصطلاح فيستعمل الفقهاء الحيلة بمعنى أخص من معناها في اللغة ، فهي نوع مخصوص من العمل الذي يتحول به فاعله من حال إلى حال ، ثم غلب استعمالها عرفا في سلوك الطرق الخفية التي يتوصل بها إلى حصول الغرض ، بحيث لا يتفطن لها إلا بنوع من الذكاء والفطنة.
ينظر : المصباح المنير مادة : (حول) واللسان مادة : (حول) ، ومفردات الراغب مادة : (حول) ، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص (٤٠٥) ، وأعلام الموقعين (٣ / ٢٤٠).
(٥) سقط في أ.
(٦) قال المصنف في تفسير سورة البقرة : احتج الحسن بأن نسيانه نسيان تضييع واتباع الهوى ، لا نسيان الذكر بأوجه.
أحدها : ما جرى في حكم الله ـ تعالى ـ من العفو عن النسيان الذى هو ترك الذكر ، وألا يلحق صاحبه اسم العصيان. وقد عوقب هو به ، ونسب إلى العصيان بقوله : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)[طه : ١٢١] : مع ما تقدم القول فيه أن يكونا من الظالمين.
والثانى : أنّ عدوّه قد ذكّره لو كان ناسيا ؛ حيث قال : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ). الآية [الأعراف : ٢٠] ، وقوله : (وَقاسَمَهُما). [الأعراف : ٢١] ، وقوله : (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ)[الأعراف : ٢٢].
ولو كان نسيان الذكر لم يكونا ليغترا بالقسم والإغواء عن ذلك ، ولا وصفا بأن استزلهما الشيطان ونحو ذلك. ـ