وجاوزه يقال : فحش ؛ فعلى ذلك الفحشاء ـ هاهنا ـ هو ما جاوز حده في القبح ، أو جاوز الحد من الكثرة ، وهم قد أكثروا الافتراء على الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).
قال بعضهم : بل تقولون على الله ما لا تعلمون : إنه أمر بذلك.
وقيل : قوله : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ) أي : تعلمون أنكم تقولون على الله ما لا تعلمون ؛ لأنهم لم يكونوا يؤمنون بالرسل ، ولا كان لهم كتاب ، فكيف تعلمون أن الله أمركم بذلك ، وهو كقوله : (قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) [يونس : ١٨] لا يجوز ألا يعلم الله ، ولكن على النفي لذلك ، ليس كما تقولون وتنبئون ، ولكن يعلم خلاف ذلك وضده ، ويكون في نفي ذلك إثبات غيره ؛ فعلى ذلك يعلمون (١) أنهم يقولون على الله ما لا يعلمون.
وأسباب العلم بهذا (٢) : إما الرسل يخبرون عن الله ذلك ، وإما الكتاب يجدونه (٣) فيه مكتوبا ، فيعلمون فتتسع (٤) الشهادة بذلك ، وهم قوم لا يصدقون الرسل ، ولا يؤمنون بخبرهم ، وليس لهم كتاب ـ أيضا ـ يقرءونه ، فما بقي إلا وحي الشيطان إليهم ؛ كقوله : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ) [الأنعام : ١٢١].
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ).
والقسط : هو العدل في كل شيء : في القول والفعل وغيره ، كقوله : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) [الأنعام : ١٥٢] ، وكقوله ـ تعالى ـ : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) [النساء : ١٣٥] ، وأصل العدل (٥) : هو محافظة الشيء على الحد الذي جعل له ، ووضعه (٦) موضعه.
__________________
(١) في أ : لا يعلمون.
(٢) في ب : هذا.
(٣) في ب : يجدون.
(٤) في ب : فيسع.
(٥) العدل خلاف الجور ، وهو في اللغة : القصد في الأمور ، وهو عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط ، والعدل من الناس : هو المرضي قوله وحكمه ، ورجل عدل : بين العدل والعدالة ، وصف بالمصدر ، معناه : ذو عدل.
والعدل يطلق على الواحد والاثنين والجمع ، ويجوز أن يطابق في التثنية والجمع فيقال : عدلان ، وعدول ، وفي المؤنثة : عدلة.
والعدالة : صفة توجب مراعاتها الاحتراز عما يخل بالمروءة عادة في الظاهر.
والعدل في اصطلاح الفقهاء : من تكون حسناته غالبة على سيئاته. وهو ذو المروءة غير المتهم.
ينظر : لسان العرب (عدل) ، المصباح المنير (عدل) ، ومغني المحتاج (٤ / ٤٢٧) ، وكشاف القناع (٦ / ٤١٨) ، والقوانين الفقهية ص (٣٠٣) ، ومعين الحكام ص (٨٢).
(٦) في ب : وضعه.