وقالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٢] و (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] ، ويكون ما قالوا](١)(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها) [الأعراف : ٢٨] ، ويكون بما حرموا من أشياء على أنفسهم فأضافوا ذلك إلى الله ، ونحو ذلك من الافتراء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ).
اختلف فيه : قال الحسن (٢) : [إنّ](٣) من أطاع الله في أمره ونهيه ، وأطاع رسله ، فقد كتبت له الجنة خالدا فيها أبدا ، فذلك نصيبه وحظه من الكتاب الذي كتب له ، ومن عصى الله وخالف رسله ، كتبت له النار [خالدا فيها أبدا](٤) فهو نصيبه من الكتاب.
وقال أبو بكر الكيساني (٥) :
[في](٦) قوله : (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) ، أي : حظهم من الخير والعقاب في الآخرة ، وهو قول القتبي ويحتمل (٧) وجهين آخرين غير هذين :
أحدهما : ما حرفوا من الكتب وغيروها ، ثم أضافوا ذلك ونسبوه إلى الله ؛ كقوله : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ) [البقرة : ٧٩] وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) [آل عمران : ٧٨] ، فصار ما حرفوا هم وغيروه سنة فيهم يعملون بها إلى يوم القيامة ، فينالون هم جزاء ذلك يوم القيامة.
والثاني : قوله : (يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ) مما كتب لهم من الرزق والنعمة ، يستوفون ذلك المكتوب لهم ، ثم يموتون (٨).
ثم قوله : (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ).
على هذا التأويل جاءتهم الرسل بقبض أرواحهم ، وهو ظاهر.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ذكره بمعناه أبو حيان في البحر (٤ / ٢٩٦) ، والبغوي في تفسيره (٢ / ١٥٨).
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) ذكره بمعناه أبو حيان في البحر (٤ / ٢٩٦) عن الضحاك.
(٦) سقط في أ.
(٧) في أ : يجعل.
(٨) أخرجه ابن جرير (٥ / ٤٨١) (١٤٥٩٥) عن الربيع بن أنس ، و (١٤٥٩٦) عن محمد بن كعب القرظي ، و (١٤٥٩٧) عن ابن زيد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٥٣) وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب ، ولابن أبي حاتم وعبد بن حميد عن الربيع بن أنس.