وعلى تأويل من حمل ذلك على الجزاء في الآخرة : فهو يجعل المتوفّى في النار ؛ لشدة العذاب ، وإن كانوا لا يموتون ، وهو كقوله : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) [إبراهيم : ١٧] ، أي تأتيه أسباب الموت.
وعلى تأويل [من](١) يجعل قوله : (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) : في الدنيا في استيفاء الرزق وما كتب لهم ؛ يكون قوله : (حَتَّى) على الإثبات وعلى تأويل من يقول بأن ذلك في الآخرة فيجيء أن يكون على الصلة والإسقاط.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ).
تقول لهم الملائكة في النار على تأويل هؤلاء [و](٢) على تأويل أولئك : عند قبض أرواحهم ، أو بعد قبض أرواحهم.
وقوله : (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، أي : تعبدون من دون الله ، وتقولون (٣) : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] ، وقولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ، أو الأكابر التي ذكر بقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها) [الأنعام : ١٢٣] أين أولئك الذين كنتم تعبدون من دون الله؟!
(قالُوا ضَلُّوا عَنَّا).
وهلكوا ، أي : بطل عبادتنا التي عبدناهم ؛ ألا ترى أنه قال في آية أخرى : (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) [السجدة : ١٠] ، أي : هلكنا وبطلنا.
(وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ).
فإن كان قوله : (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) : الكبراء منهم والرؤساء يكون قوله : (ضَلُّوا عَنَّا) ، أي : شغلوا بأمرهم عنا ، وإن كان الأصنام يكون قوله : (ضَلُّوا عَنَّا) أي : بطل ما كنا نطمع من عبادتنا إياهم ، وهو قولهم (٤) : (شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨].
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ).
قوله : (فِي أُمَمٍ) يحتمل مع أمم ، وذلك جائز في اللغة ؛ يقال : جاء فلان في جنده.
وقوله : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : يقولون.
(٤) في أ : قوله.