الجارحة ، ومن فهم ذلك فإنما يفهم لفساد في اعتقاده.
وكذلك ما ذكر من الاستواء على العرش ، والاستواء إلى السماء ، لا يفهم [منه ما يفهم](١) من استواء الخلق ؛ لأنه بريء عن جميع مشابه الخلق ، ومعانيهم ، وهو ما وصف حيث قال : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١].
وقوله ـ عزوجل ـ : يرسل الرياح ـ نشرا ـ نشرا ـ بشرى ـ والنشر : هو من جمع نشور (٢) ، وهو من الإحياء ، ونشرا من التفريق ، وبشرى بالباء ـ : من البشارة ، ثم قيل في قوله : «نشرا» الله عزوجل هو الذي يفرق ويسوق ذلك السحاب.
وقيل : الريح هو الذي يرسل ، ويسوق ذلك السحاب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً) قيل : أقلت : حملت (٣). وقيل : رفعت (٤) الماء ، وهو واحد ، ثقالا مما فيه من الماء (سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) إلى بلد ميت ، فأنزلنا به الماء ؛ أي : البلد.
(فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ).
[قال بعضهم : من كل الثمرات ما يشاهدون من الثمرات](٥).
كذلك يخرج الموتى بعد ما ماتوا وذهب أثرهم كما أخرج النبات والثمار من الأرض والنخل (٦) من بعد ما ماتوا وذهب أثر ذلك النبات وذلك الثمار ، فعلى ذلك يخرج الموتى بعد ما ذهب أثرهم حتى لم يبق شيء.
(لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأنعام : ١٥٢] : وتتفكرون وتعرفون قدرته وسلطانه على الإحياء بعد الموت ، أو تذكرون ، أي : تتعظون.
وبعد ، فإن إعادة الشيء في عقول الخلق أهون وأيسر من ابتداء الإنشاء.
ألا ترى أن الدهرية والثنوية وهؤلاء قد أنكروا الإنشاء لا من شيء ، ورأوا وجود الأشياء وخروجها وإعادتها عن أصل وكيان وهو ما ذكر.
«وهو أهون عليه» ، أي : في عقولكم.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) قيل : هو جمع نشور ، نحو رسول ورسل. ويقال : نشرت الرياح نشرا ، أي صرت. وأنشد لجرير.
نشرت عليك فذكرت بعد البلى |
|
ريح يمانية بيوم ماطر |
ينظر : عمدة الحفاظ (٤ / ٢٠٤).
(٣) انظر تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٥٢٣).
(٤) في أ : وفتحت.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : والنخيل.