قوله ـ عزوجل ـ : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) كما أرسلناك إلى قومك ولست أنت بأول رسول ؛ كقوله : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف : ٩].
وفيه دلالة أن الإيمان يصح بالأنبياء والرسل ، وإن لم تعرف أنسابهم ؛ لأن الله ـ عزوجل ـ ذكر الأنبياء والرسل بأساميهم ، ولم يذكر أنسابهم ، دل ذلك أن الإيمان يكون بهم [إيمانا](١) وإن لم تعرف (٢) أنسابهم ؛ وكذلك يصح الإيمان وإن لم تعرف (٣) أسماؤهم ؛ لأن من الأنبياء من لا يعرف اسمه ، فيصح الإيمان بجملة الأنبياء ، وإن لم تعرف أسماؤهم ، وفي ذلك دلالة إثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه أخبر عن رسالة نوح ، فدل أنه بالله عرف ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ).
قيل : قوله : (اعْبُدُوا اللهَ). ، أي : وحدوا الله ، سموا التوحيد (٤) عبادة لأن العبادة ، لا تكون ولا تصح إلا بالتوحيد فيها لله خالصا سمي بذلك مجازا [إذ يجوز](٥) أن يكون عبادة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ).
أي : ما لكم من الإله الحق الذي ثبتت ألوهيته وربوبيته بالدلائل [والبراهين](٦) من إله غيره.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
قال بعضهم : (إِنِّي أَخافُ) ، أي : إني أعلم أن ينزل عليكم عذاب يوم عظيم إن متم على هذا.
أو قال بعضهم : الخوف هو الخوف ، وهو خوف إشفاق ، وذلك يحتمل أن يكون في الوقت الذي كان يطمع في إيمان قومه ، ثم آيسه الله عن إيمان قومه بقوله : (لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) [هود : ٣٦].
وقوله ـ عزوجل ـ : (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
هو يوم عظيم للخلق ؛ كقوله : (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) [المطففين : ٥]. (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِ
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : يعرف.
(٣) في ب : يعرف.
(٤) في ب : سموا العبادة توحيدا.
(٥) سقط في أ.
(٦) سقط في أ.