الْعالَمِينَ) [المطففين : ٦] وهو عظيم للخلق على ما وصف.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ).
هم أشراف قومه وسادتهم ؛ كقوله : (إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا ...) [الأحزاب : ٦٧] الآية ، وكانوا هم أضداد الأنبياء والرسل ؛ لأنهم كانوا يدعون الناس إلى ما يوحي إليهم الشياطين ، والرسل كانوا يدعون إلى ما يوحي إليهم الله ، وينزل عليهم ؛ لذلك قالوا : (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ؛ لأنهم ظنوا أن ما أوحى إليهم الشيطان هو الحق ، وأن ما يدعو (١) إليه الرسل هو ضلال وباطل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ).
أي : لست أنا بضال ؛ لأنه إذا نفى (٢) الضلال عنه ، نفى أن يكون ضالا ، وهو حرف رفق ولين ، وعلى ذلك أمر الأنبياء والرسل أن يعاملوا قومهم ؛ لأن ذلك أنجع (٣) في القلوب ، وإلى القبول (٤) أقرب.
(وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، والعالم هو جوهر الكل.
ويحتمل قوله : (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي : لفي خطأ مبين ، ثم يخرج على وجهين :
أحدهما : نسبوه إلى الخطأ ؛ لما رأوه خالف الفراعنة والجبابرة (٥) الذين كانت همتهم القتل لمن خالفهم.
والثاني : نسبوه إلى الخطأ ؛ لأنه [ترك](٦) دين آبائه وأجداده ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي).
رسالته التي أمرني بتبليغها إليكم ، قبلتم أو رددتم ؛ [أوعدتم أو وعدتم](٧) لأني أبلغها
__________________
(١) في ب : يدعون.
(٢) في أ : إذا تقى.
(٣) نجع الشيء نجوعا : نفع وظهر أثره ، يقال : نجع الدواء في العليل ونجع العلف الدابة ، ويقال نجع القول في سامعه والعقاب في المذنب ، ويقال : أنجع الرجل : أفلح. ينظر المعجم الوسيط (٢ / ٩٠٣) (نجع).
(٤) في ب : القلوب.
(٥) الجبار في صفة الإنسان غالبا للذم كما في قوله تعالى في سورة إبراهيم (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) [١٥] ، فالجبابرة هم من يقهرون غيرهم والمراد بهم الملوك والسلاطين. ينظر : عمدة الحفاظ بتصرف (١ / ٣٤٦).
(٦) سقط في أ.
(٧) سقط في أ.