بعضهم إخوة بعض ، وأخوة الجوهر على ما ذكرنا ، يقال : هذا أخ هذا إذا كان من جنسه وجوهره ، فهذين الوجهين (١) يحتملان (٢) ، والوجهان الآخران لا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ).
أي : اعبدوا الله الذي يستحق العبادة [و](٣)(ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) أي : ليس لكم من معبود سواه ، وهو المعبود في الحقيقة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفَلا تَتَّقُونَ).
عبادة غير الله ، أو : أفلا تتقون الله في عبادتكم غيره ، وفي تكذيبكم هودا ، أو أن يقول : أفلا تتقون عذاب الله ونقمته عليكم
بمخالفتكم إياه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ).
قد ذكرنا قول الملأ من قومه (٤) ، أي : أشراف قومه وسادتهم (إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ).
[ذكر](٥) هاهنا ظنهم في تكذيبهم الرسول ، [و] في موضع آخر قطعوا في التكذيب وهو قوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) [المؤمنون : ٣٨] ، فكان قوله : (وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) في ابتداء ما دعاهم إلى عبادة الله ووحدانيته ، كانوا على ظن فيه لما كان عندهم صدوقا أمينا قبل دعائهم إلى ما دعاهم ، فلما أن أقام عليهم آيات الرسالة والنبوة وأظهر عندهم عيب ما عبدوا غير الله ، وأبطله ، وتحقق ذلك عندهم ـ عند ذلك قالوا : (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) [المؤمنون : ٣٨] ؛ ليعلم أنهم عن عناد ، كذبوا (٦) الرسل ، فقال : (يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ) إن الرسل ـ عليهمالسلام ـ كانوا أمروا أن يعاملوا الخلق بأحسن معاملة ، وهو على ما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ حيث قال له : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) [الأعراف : ١٩٩] وقوله ـ عزوجل ـ : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) [المؤمنون : ٩٦] ونحوه ، فعلى ذلك الرسل الذين كانوا من قبل كانوا مأمورين بذلك ؛ لذلك قال لهم هود لما تلقوه بالتكذيب والتسفيه قال : ليس بي ما تقولون وتنسبونني إليه ، (وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ
__________________
(١) كذا في الأصل والصواب الرفع فهذان الوجهان.
(٢) في ب : يحتمل.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : قوله.
(٥) سقط في ب.
(٦) في أ : وكذبوا.