قيل (١) : حجة ، أي : لم ينزل لهم حجة في عبادتهم غير الله.
وقيل : السلطان هاهنا عذر ، أي : لم ينزل لهم عذرا في ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَانْتَظِرُوا).
أي : انتظروا أنتم وعد الشيطان.
(إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) وعد الرحمن.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) أي : من حجة في تسميتهم الأصنام التي عبدوها دون الله ما سموها آلهة وشفعاء ونحوه ، كأنهم إنما جادلوه في تسميتهم آلهة وشفعاء ، وأن ليس لهم حجة ولا عذر في عبادتهم غير الله ، ولا في إشراكهم غيره في العبادة والألوهية.
(فَانْتَظِرُوا) : قال الحسن : انتظروا أنتم مواعد الشيطان ، (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) : لمواعد الله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَنْجَيْناهُ) يعني هودا (وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا).
إن من حكم الله أنه (٢) إذا أهلك قوما إهلاك تعذيب ، استأصلهم (٣) وأنجى أولياءه ونصرهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بِرَحْمَةٍ مِنَّا) يحتمل قوله [برحمة منا](٤) : برحمته التي هداهم عزوجل ، ولو لا رحمته ما اهتدوا ، لكنه رحمهم فهداهم ، فبرحمته اهتدوا ، [و](٥) يحتمل أنه [إنما](٦) أنجاهم من العذاب برحمة منه ، وإلا كانت لهم ذنوب وخطايا يستحقون بها العذاب ، لكنه أنجاهم برحمة منه وفضل (٧) ، والله أعلم.
وفيه : أن من نجي إنما نجي برحمته وفضله ، وإن كان رسولا لا باستيجاب منه النجاة ، وهو ما روي حيث قال : «لا يدخل الجنة أحد (٨) إلا برحمة الله ، قيل : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته».
__________________
(١) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ١٧٠) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٣٢٩).
(٢) في ب : له.
(٣) استأصل الشيء : قلعه بأصله ، ينظر المعجم الوسيط (١ / ٢٠) (أصل).
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.
(٧) في أ : برحمته وفضله.
(٨) في ب : أحد الجنة.