أَلِيمٌ) ، وفي مواضع أخر : (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ) [هود : ٦٤] ، فهذا يدل على أنه إنما أراد بالعذاب الأليم عذاب الدنيا لا عذاب الآخرة ؛ لأنه قد يأخذهم عذاب الآخرة بكفرهم ، فالوعيد بأخذ العذاب لهم عذاب الدنيا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ) قد ذكرنا تأويله في قصة هود.
(وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ).
قيل : أنزلكم فيها تتخذون من سهولها (١) قصورا.
(وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً)(٢) يذكرهم ـ عزوجل ـ ما أنعم عليهم من سعة المال ، وبسط الرزق لهم ، وما خصهم من اتخاذ البيوت من الجبال دون غيرهم من الناس ، خص هؤلاء بسعة الرزق وبسط الأموال ، وقوم هود بالقوة والبطش ، بقوله : (وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) [الأعراف : ٦٩] وقال في آية أخرى : (وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) [فصلت : ١٥] وقال : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) [الشعراء : ١٣٠] ، كان خصهم بفضل القوة والبطش والطول من بين غيرهم (٣) ، وهؤلاء بسعة الأرزاق لهم وبسط الأموال ، (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) [الأعراف : ٦٩] من السعة في الأموال والبسط ، وبما جعلكم خلفاء من بعد عاد ، وبما أقدركم على (٤) اتخاذ البيوت من الجبال لم يقدر على مثله أحد ؛ لأن غيرهم من الخلائق إنما ينتفعون بالجبال على ما هي عليها ، وأما هم فقد مكّن لهم على نحتها واتخاذها بيوتا.
(وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ).
أي : اذكروا نعمته (٥) ، ولا تشركوا في عبادتكم غيره.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ).
قد ذكرنا أن الملأ من قومه هم كبراؤهم وسادتهم ، استكبروا عليه لما رأوه دون أنفسهم في أمر الدنيا ، فلم يتبعوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ).
__________________
(١) السهل : أرض منبسطة لا تبلغ الهضبة. ينظر المعجم الوسيط (١ / ٤٥٨) (سهل).
(٢) في أ : وتنحتون من الجبال بيوتا. وهي غير الآية التي معنا.
(٣) في ب : من غيرهم.
(٤) في أ : من.
(٥) في ب : نعمه.