فيه دلالة أن من المستضعفين من قومه من لم يكن آمن ؛ حيث خص لمن آمن منهم.
وفيه : أن أوّل من اتبع الرسل هم الضعفاء ، وكذلك كان الأتباع للرسل جميعا الضعفاء.
وقولهم : (أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) ، قول هؤلاء الذين آمنوا بصالح وصدقوه في رسالته لم يخرج في الظاهر جواب ما سألوا ؛ لأنهم قالوا : (أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) ، إنما سألوهم عن علمهم برسالته ، لم يسألوهم عن إيمانهم به ، فهم إنما أجابوا عن غير (١) ما سئلوا في الظاهر ، لكن يجوز أن يكنى بالعلم عن الإيمان ، فكأنهم (٢) قالوا لهم : تؤمنون بصالح وتصدقونه؟ لأن العلم بالشيء قد (٣) يقع بلا صنع ، والإيمان لا يكون إلا بصنع منهم ؛ فكأنهم إنما سألوهم عن الإيمان به ؛ لذلك قالوا : (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ).
والثاني : كأنهم قالوا : بل علمنا أنه مرسل من ربه ، وإنا بما أرسل به مؤمنون.
وفيه : دلالة أن من مكن له من العلم بأسباب جعلت له يصل بها إلى العلم ، لم يعذر (٤) بجهله في ذلك بعد ما أعطي أسباب العلم ؛ حيث قالوا : أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه ، أي : لا تعلمون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) فيه دلالة [أن](٥) الإيمان : هو التصديق في اللغة ، والتكذيب : هو ضد ما يكون به التصديق ؛ حيث أجابوا بالتكذيب لإيمانهم به ؛ لقولهم : (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) فهؤلاء لم يعرفوا جميع الطاعات إيمانا على ما عرفه بعض الناس ، إنما عرفوه تصديقا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ).
أضاف هاهنا العقر إليهم جميعا ، وفي موضع آخر أضاف إلى الواحد بقوله (٦) : (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ) [القمر : ٢٩] ، وفي سورة (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) [الشمس : ١] كذلك أضاف إلى الواحد : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) [الشمس : ١٢] لكن فيما (٧) كان مضافا إليهم
__________________
(١) في أ : غيرها.
(٢) في أ : فكأنما.
(٣) في أ : فيه.
(٤) في أ : يقدر.
(٥) سقط في أ.
(٦) في ب : لقوله.
(٧) في أ : فيما إلى.